أكثر من ثلاث فانظر في الأمر ثم اختر إما الإسلام وندعك وأرضك. أو الجزية فنقبل ونكف عنك ونحميك إن اعتدى أحد عليك. أو القتال في اليوم الرابع. وأنا كفيل بهذا عن أصحابي فخلا رستم برؤساء قومه وقال هل رأيتم كلاماً قط مثل كلام هذا فأروه الاستخفاف بشأنه وثيابه فقال ويحكم إنما انظر إلى الرأي والكلام
(والعرب تستخف باللباس وتصون الأحساب)
ثم أرسل رستم في اليوم الثاني إلى سعد ليبعث إليه ربعي بن عامر مرة ثانية فبعث إليهم حذيفة بن محصن فأجاب بما أجاب به ربعي بن عامر ثم قال له رستم ولماذا لم يأتنا الأول فقال حذيفة (أميرنا يعدل بيننا في الشدة والرخاء وهذه نوبتي).
فقال رستم والمواعدة إلى متى فقال إلى ثلاث من أمس وانصرف. فخاض رستم بأصحابه يعجبهم من شأن القوم وطلب في اليوم الثالث رجلاً آخر فجاءه المغيرة بن شعبة فتكلم رستم وعظم أمر فارس وقوتهم وصغر أمر العرب وقال للمغيرة ما حملكم على هذا إلا ما بكم من الجهد فانصرفوا ونحن نعطي أميركم كسوة وبغلاً وألف درهم وكل رجل منكم حمل تمر فقال المغيرة أما الذي وصفتنا به من سوء الحال والضيق فنعرفه ولا ننكره - والدنيا دول - والشدة بعدها الرخاء - وإن الله بعث فينا رسولاً أنقذنا من ذلك ثم ذكر مثل ما تقدم من التخيير بين الإسلام أو الجزية أو القتال فقال رستم إذاً تموتون دونها فقال المغيرة: من قتل منا دخل الجنة ومن بقي ظفر بكم.
فاستشاط رستم غضباً وحلف أن لا يقع الصلح أبداً وانصرف المغيرة. فخلا رستم بأهل فارس وعرض عليه مصالحة القوم وحذرهم عاقبة حربهم فما قبلوا كلامه.
ثم أرسل سعد بن مالك رضي الله عنه إلى رستم ثلاثة من ذوي الرأي فلما انتهوا إليه قالوا له إن أميرنا يدعوك إلى ما هو خير لنا ولك فاتق الله ولا يكونن هلاك قومك على يدك فقال لهم رستم إن الأمثال أوضح من كثير من الكلام. إنكم كنتم أهل جهد وفقر وكنا نحسن إليكم فلما أكلتم طعامنا أتيتمونا وإنما مثلكم ومثلنا كمثل رجل له كرم فرأى فيه ثعلباً فأغضى عنه وقال وماذا يأخذ ثعلب فانطلق الثعلب فدعا الثعالب إلى ذلك الكرم فلما اجتمعوا إليه سد صاحب الكرم النقب الذي دخلن منه ثم قتلهن. وإني أعلم أن الحرص والجهد قد حملاكم على ما صنعتم وإنا لا اشتهي قتلكم فارجعوا ونحن نميركم. فقال له القوم