ومن أحوال الآخرة الصراط وهو جسر ممدود على متن النار يرده كل الخلائق وهو ورود النار لكل أحد المذكور في قوله تعالى:{وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} وهو مما يجب على كل مكلف اعتقاده لثبوته بالكتاب والسنة قال تعالى: {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ}. وأخرج البخاري ومسلم من حديث طويل عن أبي هريرة قال عليه الصلاة والسلام ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجوز. ولا ينبغي الخوض في أنه كما في رواية أدق من الشعر واحد من السيف فقد نازع في ذلك العز بن عبد السلام والشيخ القرافي وغيرهما كالبدر الزركشي قالوا وعلى فرض صحة ذلك فهو محمول على غير ظاهره بأن يؤول بأنه كناية عن شدة المشقة وعلى كل فالقدرة صالحة لكل شيء.
والقادر على أن يسير الطير في الهواء لا شك في أنه قادر على أن يسير الإنسان على صراط أدق من الشعر وقد روى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً قال يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة فقال له عليه الصلاة والسلام أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادراً على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة.
ثم إن الناس متفاوتون في المرور عليه فمنهم من يمر كالبرق الخاطف ومنهم كطرف العين ومنهم كالريح ومنهم كالجواد وآخرون يسقطون في النار ويؤيد ذلك ما في البخاري ومسلم من حديث حذيفة قال عليه الصلاة والسلام ثم يضرب الجسر على جهنم قيل يا رسول الله وما الجسر قال دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسكة تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان فيمر المؤمنون كطرف العين وكالطير وكأجاويد الخيل وكالركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكردس ومكردس في نار جهنم.
الشفاعة
ومن أحوال الآخرة شفاعة الرسل والأخيار كالملائكة والصحابة والشهداء والعلماء العاملين والأولياء لأهل الكبائر وغيرهم كما جاءت الأحاديث الصحيحة دالة على ذلك وأجمع عليه أهل السنة وعلماء النقل. فعند ابن ماجة من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه يشفع يوم القيامة ثلاثة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء وأخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن من أمتي من يشفع للقوم ومنهم