صلى الله عليه وسلم عرضت علي الأمم فقيل هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عقاب جاء في رواية أحمد بن حنبل من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما قال عمر هلا استزدت ربك فقال صلى الله عليه وسلم استزدته فأعطاني مع كل رجل سبعين ألفاً قال عمر فلا استزدته فقال صلى الله عليه وسلم قد استزدته فأعطاني هكذا وفرج بين يديه.
ثم إن الناس متفاوتون في الحساب فمنهم المناقش فيه ومنهم المسامح فيه بكيفية مختلفة فمنه اليسير والعسير والسر والجهر والتوبيخ والفضل والعدل ومن الناس من يدخل الجنة بغير حساب وهم المقرون كما مر.
الميزان
ومن أحوال الآخرة الميزان وقد عرفوه بقولهم ما يعرف به مقادير الأعمال خيراً أو شراً وهو أيضاً حق ثابت بالدلائل السمعية والبراهين النقلية ولا يحيله العقل لأنه من الأمور الممكنة فوجب التصديق به وينبغي الإمساك عن تعيين حقيقته قال تعالى:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}. وقال تعالى:{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم}.
والموزون إنما هو صحائف الأعمال كما روى الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال صلى الله عليه وسلم يستخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً كل سجل منها مد البصر ثم يقول أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول لا يا رب فيقول ألك عذر؟ فيقول لا يا رب فيقول ألك حسنة؟ فيقول لا يا رب فيقول تعالى بلى إن لك عندنا لحسنة وأنه لا ظلم عليك فتخرج له بطاقة كالأنملة فيها - أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله - فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقال إنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسم الله شيء.
والحكمة في وزن الأعمال ظهور العدل في العذاب والفضل في العفو وتضعيف الثواب وقال بعض المتأخرين لا يبعد أن يكون من الحكمة في ذلك ظهور مراتب أرباب الكمال وفضائح أرباب النقصان على رؤوس الإشهاد زيادة في سرور أولئك وخزي هؤلاء.