ونحن تركناه بالنص، وهو ما روي:«أن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صلى آخر صلاته قاعدا والقوم خلفه قيام»
ــ
[البناية]
ش: والقاعد ليس كالقائم فيكون اقتداء كامل الحال بناقص الحال فلا يجوز اقتداء القارئ بالأمي م: (ونحن تركناه بالنص) ش: أي تركنا القياس بالنص.
فإن قلت: ما وجه قوله ونحن تركناه بالنص ولم يقل: قال ونحوه؟
قلت: أشار بهذه العبارة أن هذا مما اختاره فأشرك نفسه مع أبي حنيفة وأبي يوسف م: (وهو) ش: أي النص م: (ما روي «أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى آخر صلاته قاعدا، والقوم خلفه قيام» ش: هذا الحديث رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر في مرضه الذي توفي فيه أبا بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن يصلي بالناس فلما دخل أبو بكر في الصلاة وجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من نفسه خفة فقام يهادى بين رجلين ورجلاه يخطان في الأرض، فجاء فجلس عن يسار أبي بكر فكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي بالناس جالسا وأبو بكر قائم، يقتدي أبو بكر بصلاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر» . وهذا صريح في أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان الإمام، إذ أجلس عن يسار أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ولقوله:«فكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي بالناس» - ولقوله:«- يقتدي به أبو بكر» - وقال:«كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي بالناس وكان أبو بكر مبلغا» - لأنه لا يجوز أن يكون للناس إمامان.
ويدل عليه حديث جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عنه قال:«اشتكى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فصلينا وراءه وهو قاعد وأبو بكر يسمع الناس تكبيره» . رواه مسلم بلفظه والبخاري بمعناه، وكانت هذه صلاة الظهر يوم السبت أو الأحد، وتوفي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الاثنين والبيهقي وغيره. وقال الماوردي في " الحاوي " روي أنه توفي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من يومه.
واعلم أن حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قد روي بطرق كثيرة في " الصحيحين " وغيرهما وفيه اضطراب غير قادح، منهم من ادعى فيه التعارض؛ لأن في رواية شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى خلف أبي بكر،» وروى شعبة أيضا عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى خلف أبي بكر جالسا في مرضه الذي توفي فيه» فهذا كله يدل على أن أبا بكر كان إماما.
وهشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت:«أمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا بكر أن يصلي بالناس» ... الحديث. وفي آخره فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والناس يصلون بصلاة أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وروى أحمد بن يونس، عن زائدة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله قال: «دخلت على