عائشة فسألتها عن مرض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» - ... الحديث، وفي آخره، «فجعل أبو بكر يصلي وهو قائم يصلي بصلاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قاعد» . وهذا كله يدل على أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إماما.
وقال البيهقي: لا تعارض بين الخبرين، فإن الصلاة التي كان فيها النبي إماما هي صلاة الظهر يوم السبت أو يوم الأحد والتي كان فيها مأموما هي صلاة الصبح من يوم الاثنين وهي آخر صلاة صلاها - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حتى خرج من الدنيا.
وقال ابن حبان في "صحيحه " بعد أن روى حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - من رواية زائدة عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن عبد الله، عن عائشة بلفظ " الصحيحين "، ثم روى من حديث شعبة عن موسى بن أبي عائشة «أن أبا بكر صلى بالناس ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الصف خلفه» هذا شعبة قد خالف زائدة في هذا الخبر وهما ثقتان ثبتان حافظان.
ثم أخرج عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت: أغمي «على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا، الحديث، إلى أن قال: فخرج بين ثويبة وبريرة فأجلساه إلى جنب أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي وهو جالس وأبو بكر قائم وهو يصلي بصلاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والناس يصلون بصلاة أبي بكر» .
ثم أخرج عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت: صلى «رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مرضه الذي مات فيه خلف أبي بكر قاعدا» قال: وعاصم بن أبي النجود ونعيم بن أبي هند حافظان ثقتان.
قال: وأقول وبالله التوفيق: إن هذه الأخبار كلها صحيحة ليس فيها تعارض، فإن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صلى في مرضه الذي توفي فيه صلاتين في المسجد في إحداهما كان إماما وفي الأخرى كان مأموما، قال: والدليل على ذلك أن في خبر عبيد الله بن عبد الله، عن عائشة أنه خرج - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خرج بين رجلين العباس وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وفي خبر مسروق عنها أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خرج بين بريرة وثويبة، وفي كلام البخاري ما يقتضي الميل إلى أن حديث «إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا» منسوخ، فإنه قال بعد روايته: قال الحميدي هذا حديث منسوخ بأنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - آخر ما صلى صلى قاعدا والناس خلفه قيام وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.