للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا بأس بأن يكون مقام الإمام في المسجد وسجوده في الطاق

ــ

[البناية]

تفسد. وذكر محمد بن الحسن في " السير الكبير " عن الأزرق بن قيس الأسلمي أنه رأى أبا برزة يصلي آخذا بقياد فرسه، حتى صلى ركعتين فانسل قياده من يده، فمضى الفرس نحو القبلة، فتبعه أبو برزة حتى أخذ بقياده ثم رجع ناكصا عن عقبيه حتى صلى الباقيتين، ثم قال محمد: وبهذا نأخذ إذا لم يستدبر القبلة بوجهه ولم يفصل بين القليل والكثير، فهذا يبين لنا أن المشي مستقبل القبلة لا تفسد وإن كثر، ومن المشايخ من روى هذا الأثر، واختلفوا في تأويله. قيل: معناه أنه لم يجاوز الصفوف أو موضع سجوده. وقال المرغيناني في " المختار " أنه إذا كثر يفسد. وقيل: تأويله أنه إذا مشى خطوة أو خطوتين فوقف ثم مشى مثل ذلك حتى أخذه وذلك قليل، أم إذا مشى متلاحقا يفسدها. وقيل: إذا كان مقدار ما يكون بين الصفين لا تفسد كما لو رأى في الصف الأول فرجة وهو في الثاني فمشى إليه فسدها لا يفسد ومن الثالث يفسد، وحكى القاضي ركن الإسلام أبو الحسن علي المفدى عن أستاذه أنه إذا مشى مستقبل القبلة وهو غاز أو حاج أو سفر طاعة وعبادة وإن كثر.

قلت: الأثر المذكور رواه البخاري في باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة، حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا الأزرق بن قيس قال: كنا بالأهواز نقاتل الحرورية، فبينما كنا على حرف نهر إذا رجل يصلي وإذا لجام دابته بيده، فجعلت الدابة تنازعه وجعل يتبعها، (قال شعبة: هو أبو برزة الأسلمي) الحديث. وذكر المرغيناني هذا، وقال: الذي رووه لا يصح، والصحيح أبو بردة، واسم أبي برزة نضلة بن عبيد وقيل نضلة بن عابد وقيل: ابن عبد الله والأول هو الصحيح، وأبو بردة اسمه هانئ بن دينار، ويقال: اسمه الحارث من شهداء بدر، وفي التابعين أبو بردة بن أبي موسى الأشعري قاضي الكوفة، اسمه عامر، وقيل الحارث، وذكرت الشافعية في الفصل بين القليل والكثير أربعة أقوال: الأول: الكثير ما يسع زمانه فعل ركعة حكاه الرافعي. قال النووي: وهو ضعيف أو غلط.

الثاني: ما يحتاج في عمله إلى بدنه كتكوير عمامته وعقد إزاره وسراويله، حكاه الرافعي.

الثالث: ما يظن للثاني نظر إليه أنه كثير في الصلاة وضعفوه كقتل الحية وحمل الصبي.

الرابع: وهو المشهور أن الرجوع إلى العرف في القلة والكثرة، ذكر هذا الأقوال النووي في " شرح المهذب ".

م: (ولا بأس بأن يكون مقام الإمام في المسجد وسجوده في الطاق) ش: شرع من هاهنا في مسائل " الجامع الصغير "، والمراد بمقام الإمام موضع القدم وبالطاق المحراب، وقوله وسجوده في الطاق أي ورأسه في الطاق عند السجود وهذه صورتان الأولى هذه وهي أن يقوم الإمام في المسجد بقدميه ولكن عند سجوده يكون رأسه في المحراب، فهذه لا تكره؛ لأن الاعتبار بموضع القيام

<<  <  ج: ص:  >  >>