للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكره أن يقوم في الطاق؛ لأنه يشبه صنيع أهل الكتاب من حيث تخصيص الإمام بالمكان، بخلاف ما إذا كان سجوده في الطاق

ــ

[البناية]

لا بموضع السجود، ألا ترى إن قدم المقتدي إذا كانت مؤخرة عن قدم الإمام ورأسه مقدما على رأس الإمام بسبب طول المقتدي تجوز صلاته، وإذا كانت قدم المقتدي مقدمة عن قدم الإمام فلا تجوز صلاته، ألا ترى أن الطير إذا كان رجله في الحرم ورأسه خارج الحرم يكون من صيد الحرم حتى يجب الجزاء بقتله، ألا ترى أن من حلف لا يدخل دار فلان فأدخل جميع أعضائه فيها دون القدمين لا يحنث، فعلم أن الاعتبار بموضع القدم.

وفي " الجنازية ": طعن بعض من خالف أبا حنيفة في قوله لا بأس بأن يكون مقام الإمام في المسجد وسجوده في الطاق يعني لم يجعل الطاق من المسجد وليس كذلك، فإن المراد من المسجد هاهنا مصلى الناس وموضع سجودهم، والطاق ليس بمسجد بهذا الاعتبار، وبه تندفع شبهة الصورة الثانية.

هي قوله: م: (ويكره أن يقوم في الطاق) ش: أي ويكره أن يقوم الإمام وحده في المحراب وتعليل هذه الصورة بشيئين: أحدهما: ما ذكره المصنف بقوله م: (لأنه يشبه صنيع أهل الكتاب) ش: أي لأن قيام الإمام في الطاق يشبه صنيع أهل الكتاب، وأشار إلى وجه التشبيه بصنيعهم بقوله م: (من حيث تخصيص الإمام بالمكان) ش: لأنهم يتخذون لإمامهم مكانا والتشبه بهم مكروه، وقال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من تشبه بقوم فهو منهم» ، ولهذا يكره الاعتجاز وتغطيه الفم؛ لأنه تشبيه بهم، وكذا يكره التمايل عن اليمين واليسار، وقد صح عن أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إذا صلى أحدكم فليسكن أطرافه فلا يتمايل تمايل اليهود» .

والتعليل الثاني: ما حكي عن أبي جعفر أنه قال: إن حاله تشتبه على من عن يمينه وعن يساره [حتى إذا كان بجنبي الطاق عمودان، ووراء ذلك فرجة يطلع فيهما من عن يمينه أو عن يساره] على حال فلا بأس به؛ لأن الإمام إذا كان إماما ليعلم بحاله فيتحقق الائتمام به، وهذا بالعراق؛ لأن محاريبهم مجوفة مطوقة بنيت باللبن والآجر.

فإن قلت: لم اختار المصنف الوجه الأول.

قلت: لأنه مطرد بخلاف الثاني؛ لأنه إذا أمكن الإطلاع على حاله بالفرجة لم يطرد فيه.

وقال شمس الأئمة السرخسي: من اختار الطريقة الثانية لم يكره عند عدم الاشتباه وإن كان مقام الأول في الطاق، ومن اختار الطريقة الأولى يكره في الوجهين جميعا [في الثانية] قال: هذا هو الأصح.

م: (بخلاف ما إذا كان سجوده في الطاق) ش: أي لا يكره في هذه الصورة وهي الصورة الأولى لما قلنا إن العبرة للقدمين. وفي " فتاوى الولوالجي " إذا ضاق المسجد بمن خلف الإمام

<<  <  ج: ص:  >  >>