للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا بأس أن يصلي وبين يديه مصحف معلق أو سيف معلق لأنهما لا يعبدان، وباعتباره تثبت الكراهة، ولا بأس بأن يصلي على بساط فيه تصاوير،

ــ

[البناية]

فإن قلت: روى أبو داود وابن ماجه عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال: «لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث» . قلت: في سند أبي داود رجل مجهول، وفي سند ابن ماجه أبو المقدام هشام بن زياد البصري لا يحتج بحديثه، وقال الخطابي: هذا الحديث لا يصح عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وقد صح «أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صلى وعائشة نائمة معترضة بينه وبين القبلة» .

فإن قلت: روى البزار في " مسنده " من حديث محمد بن الحنفية عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى رجلا يصلي إلى رجل فأمره أن يعيد الصلاة، قال: يا رسول الله إني صليت وأنت تنظر إلي» .

قلت: قال البزار: هذا حديث لا نحفظه إلا بهذا الإسناد، وكأن هذا المصلي كان مستقبل الرجل في وجهه فلم يتنح عن حياله.

م: (ولا بأس بأن يصلي وبين يديه مصحف معلق أو سيف معلق) ش: وهو قول الجمهور، وقال أحمد: يكره ذلك إلا أن يكون موضوعا بالأرض، وقيل: هو قول إبراهيم النخعي، وقال بعضهم يكره ذلك لأن [......] آلة الحرب والحديد فيه بأس شديد، فلا يليق تقديمه في مقام الامتهان، وقيل هو قول ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وفي استقبال المصحف تشبه بأهل الكتاب فإنهم يفعلون ذلك بكتبهم م: (لأنهما لا يعبدان) ش: أي لأن المصحف والسيف لا يعبدان م: (وباعتباره) ش: أي وباعتبار معنى الكراهة في الأشياء التي تعبد م: (تثبت الكراهة) ش: فالسيف لا يعبد لأنه سلاح، فلا يكره التوجه إليه، ألا ترى أن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى إلى عنزة» وهي سلاح، والموضع موضع الحرب أيضا، وكذلك سمي المحراب محرابا فبان تقديم آلة الحرب، وكيف يقال بالكراهة وقد «صلى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى عنزة؟» على أنا نقول قد ورد أخذ الأسلحة في صلاة الخوف، وقال تعالى: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: ١٠٢] (النساء: الآية ١٠٢) ، وأما المصحف فلأن في تقديمه تعظيمه وتعظيمه عبادة، فانضمت عبادة إلى عبادة فلا تكره.

م: (ولا بأس بأن يصلي على بساط فيه تصاوير) ش: قال الجوهري: التصاوير: التماثيل، وقال غيره: التمثال ما يصور على الجدار، والصورة ما على الثوب. وفي " المغرب ": التمثال ما يصور تشبيها بخلق الله تعالى من ذوات الروح والصورة عام، وروي عن ابن عباس ما يدل على أن التمثال والصورة واحد، وهو أنه نهى مصورا عن التصوير، فقال كيف أصنع وهو كسبي؟ قال: إن لم يكن لك بد فعليك بتمثال الأشجار، والتمثال بكسر التاء في أوله وقد جاء على هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>