للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا بأس أن يصلي إلى ظهر رجل قاعد يتحدث؛ لأن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ربما كان يستتر بنافع في بعض أسفاره.

ــ

[البناية]

م: (ولا بأس أن يصلي إلى ظهر رجل قاعد يتحدث) ش: قاعد بالجر صفة رجل وقوله يتحدث جملة في محل النصب على الحال، ولا يقال: إن هذا الحال نكرة فكيف يجوز الحال عنه؟ لأنا نقول إنه قد اتصف بالصفة، ويجوز أن يكون في محل الجر على أنها صفة أخرى، وقيد بقوله إلى ظهر رجل لأنه لو صلى إلى وجه رجل يكره، وفيه إشارة أيضا إلى أنه لا بأس بأن يصلي وبقربه قوم يتحدثون، وبه قالت الأئمة الأربعة إلا ما روي عن مالك [فإنه يقول] في رواية: إن كان أمامه مجنونا أو صبيا أو كافرا أو امرأة غير محرمة يكره، ومن الناس من كره ذلك؛ لأنه «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - نهى أن يصلي الرجل وعنده قوم يتحدثون أو نائمون» ورواه ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وتأويل ذلك أنهم إذا رفعوا أصواتهم على وجه يخاف وقوع الغلط، ولهذا قال في " الجامع البرهاني ": قال: هذا إذا لم يشوشه حديثهم فإن كان يشوشه فيكره، [و] في النائمين إذا كان يخاف أن يظهر صوت من النائم فيضحك في صلاته ويخجل النائم إذا انتبه، فإن لم يكن كذلك فلا بأس به.

فإن قلت: روى سعيد بن منصور في " سننه " أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «نهى عن أن يصلوا إلى قوم يتحدثون أو نائمون» .

قلت: هذا محمول على ما إذا رفعوا أصواتهم بالحديث كما ذكرنا، وفي النائم لأجل ما ذكرنا.

فإن قلت: هذا في النافلة أو مطلقا.

قلت: قال ابن قدامة: والأشبه أنه لا فرق بين الفريضة والنافلة في ذلك، يعني في عدم الكراهة. قلت: قد صح عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - في الصلاة إلى النائم من غير كراهة في النافلة.

م: (لأن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ربما كان يستتر بنافع في بعض أسفاره) ش: هذا الأثر رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن نافع ولفظه: كان ابن عمر إذا لم يجد سبيلا إلى سارية من سواري المسجد، قال لي: ولني ظهرك. وروى أيضا عنه أن ابن عمر كان يقعد رجلا ويصلي خلفه والناس يمرون بين يدي ذلك الرجل. وفي " الجامع الصغير " لقاضي خان: «كان - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إذا أراد أن يصلي في الصحراء أمر عكرمة أن يجلس بين يديه ويصلي» . قلت: إن كان مراده عكرمة _ وهو ابن أبي جهل _ الصحابي فليس له حديث في ذلك، وإن كان مراده من عكرمة هو مولى ابن عباس فهو تابعي ليس له صحبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>