للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا» وأخرجه الجماعة أيضا غير البخاري «عن سلمان الفارسي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قيل له علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة‍! فقال: " أجل لقد نهانا عن أن نستقبل القبلة بغائط أو بول ... » الحديث، وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه واللفظ لمسلم عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مرفوعا «إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها» .

وفي حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجه عن أبي زيد عن معقل بن أبي معقل الأسدي «نهى رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أن نستقبل القبلة ببول أو بغائط» ، وقال أبو داود: أبو زيد مولى لبني ثعلبة، وقال الذهبي: لا ندري من هو، وروى مالك في " الموطأ " عن نافع «عن رجل من الأنصار عن أبيه أنه سمع رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " ينهى أن يستقبلوا القبلة ببول أو غائط» فيه رجل مجهول فهو كالمنقطع.

أما حديث أبي أيوب وحديث أبي هريرة فإنهما يدلان على حرمة استقبال القبلة واستدبارها مطلقا سواء كان في الصحراء أو في البنيان فلا معارضة، وإنما المعارضة في الاستدبار في البنيان، ولا اعتبار لها مع دلالة عموم الأحاديث الصحيحة المذكورة.

فإن قلت: يقاس الاستقبال في البنيان على الاستدبار فيها.

قلت: هذا فاسد من وجهين: أحدهما: أن الاستقبال فوق الاستدبار في القبح؛ لأن ما ينحط منه لا يوجه إلى القبلة بخلاف الاستقبال فلا يجوز القياس عليه.

والثاني: أن العمل باللفظ العام أولى من القياس على ما عرف.

وقوله: شرقوا أو غربوا يريد البلاد التي قبلتها بين المشرق والمغرب كالمدينة والشام ونحوهما، وأما البلاد التي قبلتها المشرق أو المغرب، فلا يتأتى ذلك فيها.

فإن قلت: النهي المذكور لأجل القبلة أو لأجل الملائكة.

قلت: قد اختلف العلماء فيه، فمنهم من قال لأجل القبلة، واحتجوا في ذلك بحديث أخرجه الطحاوي في " تهذيب الآثار " عن سماك بن الفضل عن رشدين الجندي عن سراقة بن مالك قال: قال رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إذا أتى أحدكم الغائط فليكرم قبلة الله عز وجل، فلا تستقبلوا القبلة» .

ومنهم من قال: لأجل الملائكة واحتجوا في ذلك بما رواه البيهقي عن عيسى الخياط قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>