للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستدبار يكره في رواية لما فيه من ترك التعظيم، ولا يكره في رواية لأن المستدبر فرجه غير موازي للقبلة،

ــ

[البناية]

قلت: للشعبي إني أعجب من اختلاف أبي هريرة وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال نافع «عن ابن عمر دخلت بيت حفصة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فجاءت مني التفاتة فرأيت كنيف رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مستقبل القبلة» وقال أبو هريرة: إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، قال الشعبي: صدقا جميعا، أما قول أبي هريرة فهو في الصحراء؛ لأن لله عبادا ملائكة، وجنا يصلون، فلا يستقبلهم أحد ببول ولا غائط ولا يستدبرهم، وأما كنفهم هذه فإنما هي بيوت بنيت لا قبلة فيها.

قال البيهقي: وعيسى هذا هو ابن ميسرة وهو ضعيف، ويقال فيه الحناط بالحاء المهملة والنون، ويقال أيضا الخياط بالخاء المعجمة وتشديد الياء [والطاء] آخر الحروف، ويقال الخباط بالباء الموحدة، ومنهم من قال علة النهي حرمة المصلين وهو ضعيف، والصحيح أن ذلك لحرمة القبلة، ويدل عليه حديث سراقة كما ذكرنا، وحديث آخر أخرجه البزار عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «من جلس ببول قبالة القبلة فذكر وانحرف عنها إجلالا لها لم يقم من مجلسه حتى يغفر له» ، وقيل: المنع للخارج النجس، وقيل: لكشف العورة نحوها، ويبني عليه جواز الوطئ مستقبل القبلة، فمن علل بالأول أباحه، ومن علل بالثاني منعه.

وفي " الروضة ": لا بأس باستقبال القبلة في حالة الإزالة والنظر، ولو تذكر بعد استقبالها فانحرف عنها فلا إثم عليه، ويكره استقبال الشمس والقمر بالفرج وكذا الريح، وفي " الروضة ": ويكره مد الرجلين إلى القبلة في النوم وغيره، وكذا إلى المصحف وكتب الفقه.

م: (والاستدبار يكره في رواية) : ش: يعني عن أبي هريرة وهو الأصح م: (لما فيه) ش: أي في الاستدبار م: (من ترك التعظيم) ش: للقبلة م: (ولا يكره في رواية) ش: أي عن أبي حنيفة، وفي " جامع الأسبيجابي " عن أبي حنيفة في هذه المسألة ثلاث روايات، في رواية: كره الاستقبال والاستدبار، وفي رواية كره الاستقبال دون الاستدبار، وفي رواية: لم يكرهما وبه قال داود، في كل ذلك جاءت الآثار، وذكر أبو اليسر أما الاستدبار فلا بأس به، وقال بعضهم إن كان ذلك ساقطا على الأرض فلا بأس به ولو كان رافعا [ثوبه] قالوا: ينبغي أن يكون مكروها لأن عورته تكون إلى القبلة، وأما نهيه عن الاستدبار فكأنه قال ذلك في حق أهل المدينة لأنهم إذا استدبروا صاروا متوجهين إلى بيت المقدس، فيكره الاستدبار تعظيما لبيت المقدس.

م: (لأن المستدبر فرجه غير موازي للقبلة) ش: فرجه منصوب؛ لأنه بدل من المستدبر بدل البعض من الكل، وغير موازي كلام إضافي مرفوع؛ لأنه خبر إن، ومعنى غير موازي غير محاز للقبلة، والموازاة المقابلة والمواجهة، وأصله إذا كان مهموز الفاء ومعتل اللام، يقال آزيته إذا حاذيته ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>