قلت: ويعارضه أيضا ما رواه الطبراني في " معجمه "، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ثنا شيبان بن فروخ ثنا غالب بن فرقد الطحاوي قال: كنت عند أنس بن مالك شهرين فلم يقنت في صلاة الغداة، وروى محمد بن الحسن في كتابه " الآثار " أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال: «لم ير النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قانتا في الفجر حتى فارق الدنيا» وقال ابن الجوزي في " التحقيق ": أحاديث الشافعية على أربعة أقسام:
منها: ما هو مطلق، وأن رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قنت وهذا لا نزاع فيه، لأنه ثبت أنه قنت.
والثاني: مقيد بأنه قنت في صلاة الصبح [فيحمله على فعله شهرا بأدلتنا.
الثالث: ما روي عن البراء بن عازب «أن النبي كان يقنت في صلاة الصبح والمغرب» . رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وأحمد، وقال أحمد: لا يروى عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قنت في المغرب إلا في هذا الحديث.
الرابع: ما هو صريح في حجتهم، نحو ما رواه عبد الرزاق في " مصنفه "، وقد ذكرناه الآن، قال: وقد أورد الخطيب في كتابه الذي صنفه في القنوت أحاديث أظهر فيها تعصبه.
فمنهما: ما أخرجه عن دينار بن عبد الله خادم أنس بن مالك قال: «مازال رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يقنت في صلاة الصبح حتى مات» قال وسكوته عن القدح في هذا الحديث، واحتجاجه به وقاحة عظيمة وعصبية باردة وقلة دين؛ لأنه يعلم أنه باطل، قال ابن حبان: دينار يروي عن أنس أشياء موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب إلا على سبيل القدح فيها، فواعجبا للخطيب أما سمع في " الصحيحين ": «من حدث علي حديثا وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين» ، ثم ذكر له أحاديث أخرى كلها عن أنس «أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لم يزل يقنت في الصبح حتى مات» وطعن في أسانيدها. قلت اختلفت الآثار والأحاديث عن أنس واضطربت فلا يقوم مثل هذا حجة.
فإن قلت: حديث المصنف فيه أبو حمزة القصاب، قال ابن حبان: كان فاحش الخطأ كثير الوهم يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، وتركه أحمد ويحيى بن معين.
قلت: رضي به الطحاوي حيث استدل بحديثه وهو إمام جهبذ لا ينازع فيما يقوله، ولئن سلمنا فقد وردت أحاديث أخرى وإن كان بعضها ضعيفا، يقويه ويودعها الله ما شاء، منها ما روى ابن ماجه في " سننه " عن محمد بن يعلى عن عنبسة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن ماتع عن أبيه عن أم سلمة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أن رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نهى عن القنوت في صلاة