الصبح» . ومنها: ما روي «عن ابن عمر أنه ذكر القنوت فقال: إنه لبدعة ما قنت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غير شهر واحد ثم تركه» رواه بشر بن حرب عنه، وقال البيهقي: وهو ضعيف، وقال الذهبي: وبعضهم قواه واحتج به النسائي. ومنها: ما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه «عن أبي مالك الأشجعي، قلت: يا أبت أليس قد صليت خلف رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وخلف أبي بكر وعمر؟ قال: بلى، قلت: فكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: يا بني محدث» وأبو مالك الأشجعي. روى عن أبيه طارق بن أشيم، قال البيهقي: طارق الأشجعي ما حفظه من غيره، قلت حفظه فالحكم له، وقال الذهبي: لا منافاة بينهما، بل يدل على أنهم كانوا يقنتون ويتركون إذا كان لا يستدعي دوام العقد، وخبر طارق صححه الترمذي.
ومنها: ما رواه البيهقي عن أبي مجلز قال: صليت مع ابن عمر [صلاة] الصبح، فلم يقنت ثم قلت له: لا تقنت! فقال: ما أحفظ من أحد من أصحابنا، قال الذهبي: هذا صحيح عن ابن عمر، وكونه مع فرط متابعته واعتنائه بالأثر [......] لم يحفظه يدل على ترك مداومة ذلك، وقال البيهقي: نسيان بعض الصحابة أو غفلته عن بعض السنن لا يقدح في رواية من حفظ وأثبت، وقال الذهبي: نسيان ابن عمر لذلك كالمستحيل؛ لأنه يستمر على صلاة الصبح دائما، وكان ملازما للنبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وصاحبيه، شديد الاتباع.
فإن قلت: ذكر الحازمي في كتابه " الناسخ والمنسوخ " اختلف الناس في قنوت الفجر، فذهب إليه أكثر الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار إلى يومنا، فروي ذلك عن الخلفاء الأربعة وغيرهم من الصحابة ثم عمار بن ياسر وأبي بن كعب، وأبي موسى الأشعري، وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وعبد الله بن عباس، وأبي هريرة، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وسهل بن سعد الساعدي، ومعاوية بن أبي سفيان، وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ومن المخضرمين أبو رجاء العطاردي، وسويد بن غفلة، وأبو عثمان النهدي، وأبو رافع الصائغ. ومن التابعين: سعيد بن المسيب، والحسن، ومحمد بن سيرين، وأبان بن عثمان، وهشام، وقتادة، وطاووس، وعبيد بن عمير، والربيع بن خثيم، وأيوب السختياني، وعبيدة السلماني وعروة بن الزبيرِ، وزياد بن عثمان، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعمر بن عبد العزيز، وحميد الطويل، وذكر جماعة من الفقهاء، ثم قال: وخالفهم طائفة من الفقهاء وأهل العلم [فمنعوه] وادعوا أنه منسوخ.
قلت: قد ذكرنا النسخ ووجهه وكل من روى القنوت، وروى تركه ثبت عنده نسخه؛ لأن فعله للمتأخر ينسخ المتقدم، وقد صح أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كان يقنت في صلاة المغرب» كما في صلاة