للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالنية في الوضوء سنة عندنا، وعند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فرض؛ لأنه عبادة فلا يصح بدون النية كالتيمم، ولنا أنه لا يقع عبادة إلا بالنية ولكنه يقع مفتاحا للصلاة

ــ

[البناية]

يطهر ثوبه أو بدنه أو المكان الذي يصلي من النجاسة يستحب له أن ينوي لعموم قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الأعمال بالنيات» وهذا عمل أيضا مطلوب مرغوب فيه، فإذا نوى تطهير هذه الأشياء يحصل له الثواب فيكون مستحبا، وإذا لم ينو لا يضره ذلك؛ لأن تارك المستحب لا يلام، وأما ذكره بلفظ النية في الوضوء فلنصب الخلاف بيننا وبين الشافعي بأن النية عنده وجماعة آخرين فرض فأقل الأمر أن يذكر في مقابلة لفظ السنة.

م: (فالنية في الوضوء سنة عندنا) ش: الفاء هنا للعطف ولكنها تعد الترتيب المتقارب من بعض الوجوه كما يقال: خذ الأكمل فالأفضل واعمل الأحسن فالأجمل، وفائدة كون النية سنة في الوضوء عندنا أنه إذا نسي المسح فأصابه المطر أو أجرى الماء أو قطر على أعضاء وضوئه أو علم الوضوء إنسانا أو توضأ متبردا فعندنا يجوز، وبه قال الثوري والأوزاعي، والحسن بن حي نظر ومالك في رواية.

م: (وعند الشافعي فرض) ش: وبه قال الزهري، وربيعة، ومالك، والليث بن سعد، وإسحاق، وأحمد، وأبو ثور، وأبو عبيد، وداود م: (لأنه) ش: أي لأن الوضوء م: (عبادة فلا يصح بدون النية) ش: لأن العبادة فعل يأتي به المكلف على خلاف هوى نفسه تعظيما لأمر ربه، والوضوء بهذه المثابة، وكل ما هو عبادة لا يصح بدون النية لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥] (البينة: الآية ٥) ، والإخلاص لا يحصل إلا بالنية، وقد جعله حالا للعابدين والأحوال شروط فتكون كل عبادة مشروطة بالنية.

م: (كالتيمم) ش: أي كما أن النية شرط في التيمم، وقاسه على ذلك في كونهما طهارتين للصلاة فلا يفترقان م: (ولنا أنه) ش: أي لا، الوضوء م: (لا يقع عبادة إلا بالنية) ش: هذا قول بموجب العلة، معناه سلمنا أن الوضوء لا يقع عبادة إلا بالنية م: (ولكنه) ش: أي ولكن الوضوء (يقع مفتاحا للصلاة) ش: معنى هذا الاستدراك أنه ليس كلامنا في أن الوضوء لا يكون عبادة إلا بالنية، وإنما كلامنا في استعمال الماء المطهر في أعضاء الوضوء، هل يوجب الطهارة بدون النية حتى يكون مفتاحا للصلاة أو لا، ولا مدخل لكونه عبادة في ذلك، ويفسد ذلك بدونها؛ لأن أعضاء الوضوء محكوم بنجاستها في حق الصلاة، ضرورة الأمر بتطهيرها، والماء طهور بطبعه فإذا لاقى النجس طهره، قصد المستعمل من ذلك كالثوب النجس؛ ولأن المطهر لا يعرف كونه مطهرا على قصد

<<  <  ج: ص:  >  >>