للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لوقوعه طهارة باستعمال المطهر بخلاف التيمم؛ لأن التراب غير مطهر إلا في حال إرادة الصلاة أو هو ينبئ عن القصد،

ــ

[البناية]

العبادة، والشيء إذا خلق على أي طبع فوجد ذلك الطبع فيه سواء وجدت النية فيه أو لم توجد، كالنار طبعها الإحراق إذا وجدت محلا قابلا للإحراق، وكذا الماء يطهر بلا نية؛ لأن طبعه مطهر، والتحقيق في هذا المقام أن الوضوء جعل شرطا للصلاة بوصف كونه طهارة لا بوصف كونه قربة، وهذا؛ لأن الشارع سمى الماء طهورا، وهو ما يحصل به الطهارة فاستعماله في محل قابل يحصل الطهارة قصد أو لم يقصد كما أن الماء يروي خلقة فاستعماله يحصل الري قصد أو لم يقصد م: (لوقوعها) ش: أي لوقوع الطهارة.

م: (طهارة باستعمال المطهر) ش: وهو الماء الذي قال الله فيه: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨] (الفرقان: الآية ٤٨) .

فإن قلت: إذا سلمتم للخصم أن الوضوء لا يقع عبادة إلا بالنية فتكون النية شرطا فيه فإذا انتفى الشرط انتفى المشروط.

قلت: نعم عبادة، ولكنها غير مستقلة؛ لأنها وسيلة إلى غيرها فهذا الاعتبار مستغنى عن النية على أن بعضهم قالوا: الوضوء غير عباده، ولهذا لا يصح النظر به وعدم النية تمنع العبادة ولا تمنع الطهارة.

م: (بخلاف التيمم) ش: أشار به إلى أن قياس الشافعي الوضوء على التيمم في كونهما طهارة فلا يفترقان قياسا بالفارق، وذا لا يجوز بين ذلك بوجهين:

أحدهما: قوله م: (لأن التراب غير مطهر) ش: يعني لم يعقل مطهرا؛ لأنه في ذاته ملوث ومغير فلا يكون مطهرا م: (إلا في حالة إرادة الصلاة) ش: فتكون طهارته بدلا عن الوضوء؛ لأنه بطبعه وحقيقته مطهر بخلاف الماء.

والوجه الثاني: هو قوله: (أو هو) ش: أو التيمم م: (ينبئ عن القصد) ش: يقال تيمم إذا قصد، قال الله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧] (البقرة: الآية ٢٦٧) أي: لا تقصدوه، وفي لفظه ما يدل اشتراط النية، فلم يكن فيه إلا معنى النية. فإن قيل في الوضوء مسح والمسح لم يعقل مطهرا طبعا فيحتاج إلى النية، أجيب بأن مسح الرأس ملحق بالغسل لقيامه وانتقاله إليه بضرب من هذا الجرح، وهذا في " شرح الأكمل " نقله من كلام السغناقي ولو نظر في قوله لأنه ينبئ عن القصد لغة، والقصد الذي هو النية إنما هو قصد خاص وهو قصد إباحة الصلاة والأعم لا دلالة له على الأخص؛ لأن الأول: مدلول اللفظ، والثاني: فعل القلب، ولا دلالة لأحدهما على الآخر. قلت: القصد لغة مطلق، والقصد الذي هو إباحة الصلاة مقيد، ويلزم من وجود المقيد

<<  <  ج: ص:  >  >>