للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

ثلاث عشرة في المفصل وفي سورة الحج سجدتان» .

والجواب: بأن عبد الله بن منين فيه جهالة. وقال عبد الحق في "أحكامه" عبد الله بن منين لا يحتج به، ولئن سلمنا فالمراد بإحدى السجدتين سجدة التلاوة وبالأخرى سجدة الصلاة.

فإن قلت: أخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه" عند عبد الله بن ثعلبة قال: صلى بنا عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الصبح فيما أعلم فقرأ فيها بالحج فسجد فيها سجدتين، ورواه الطحاوي أيضًا بإسناد صحيح والبيهقي وأخرج الطحاوي والبيهقي أيضًا عن صفوان بن محرز أن أبا موسى الأشعري سجد فيها سجدتين، وأخرجه أيضا عن جبير بن عفير أنه رأى أبا الدرداء يسجد في الحج بسجدتين، وأخرج الحاكم عن عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وعبد الله بن عباس أنهم سجدوا في الحج سجدتين. قلت: هذه الآثار لا يحتج بها الخصم على قاعدته. وأما جوابها عندنا فهو أنها لا تدل على أن السجدتين كلتيهما سجدة التلاوة، والدليل على ذلك ما رواه الطحاوي عن ابن عباس أنه قال في سجود الحج: الأولى عزيمة، والأخرى تعليم وإسناده صحيح.

فإن قلت: كيف تقول: صحيح وفيه عبد الأعلى الثعلبي؟ وعن أحمد أنه ضعيف، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، قلت: وثقه يحيى بن معين والطحاوي، وروى له الأربعة، قال الطحاوي: وبقول ابن عباس نأخذ.

واحتج الشافعي أيضًا في قوله: سجدة ص ليست بسجدة تلاوة ولكنها سجدة شكر.

واحتج أيضًا بما رواه النسائي «عن ابن عباس أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سجد في ص وقال: "سجدها داود - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توبة ونحن نسجدها شكرًا» ، وبحديث أبي سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال «قرأ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو على المنبر ص فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه، فلما كان يوم آخر قرأها، فلما بلغ السجدة تشزن الناس للسجود، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنما هي توبة نبي، ولكني رأيتكم تشزنتم للسجود" فنزل فسجد وسجدوا.» رواه أبو داود والحاكم في " المستدرك " وقال: صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>