للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا أن الشفع الثاني لا يقضى ولا يؤثم على تركه، وهذا آية النافلة بخلاف الصوم لأنه يقضى،

ــ

[البناية]

م: (ولنا أن الشفع الثاني لا يقضى) ش: أراد أن المسافر إذا لم يصل الشفع الثاني لا يَقْضي، قد يدل على أن الفرض ركعتان، إذ لو كان أربعا كان يجب عليه أن يقضي ركعتين. م: (ولا يؤثم على تركه) ش: أي ولا ينسب إلى الإثم على ترك الشفع كالنفل، ولا يؤثم على صيغة المجهول بالتشديد. م: (وهذا) ش: إشارة إلى كل واحد من عدم القضاء، وعدم التأثيم. م: (آية النافلة) ش: أي علامة النافلة.

فإن قلت: يشكل هذا بالزائد على قرابة آية، أو ثلاث، فإنه لو أتى به يثاب ويقع فرضا، وكذا من لا استطاعة له على الحج لو تركه لا يعاقب، ولا أتى به يثاب ويقع فرضا.

قلت: وقوع الفرض في الصورتين بعد الإتيان به بدليل آخر وهو تناول الأمر لمطلق الزيارة، وأما في الحج فلأنه أتى مكة صار مستطيعا فيفرض عيه، حتى لو تركه يأثم.

م: (بخلاف الصوم) ش: هذا جواب عن قياس الشافعي بالصوم حيث قال: اعتبارا بالصوم. وتقدير الجواب أن رخصة الصوم معناها سقوط وجوب الأداء في الحال على وجه يترتب عليه القضاء؛ ولهذا إذا لم يصم في السفر فإنه يقضي في الحضر، وهو معنى قوله: م: (لأنه يقضي) ش: أي لأن الصوم يُقضى إذا تركه. بخلاف الشفع فإنه لا يُقضى، فالقياس حينئذ باطل. وقد قال الأكمل: وفيه بحث من وجهين:

الأول: أن هذا تعليل في مقابلة النص؛ لأن الله تعالى قال: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: ١٠١] (النساء: الآية ١٠١) ، ولفظ: لا جناح، يذكر للإباحة دون الواجب، ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سماه صدقة، والمتصدق عليه بالخيار في القبول، وعدمه.

الثاني: أن الفقير لو لم يحج ليس عليه قضاء، ولا إثم، وإذا حج كان فرضا فلم يكن ما ذكرتم آية للنافلة.

قلت: الجواب عنهما، ما قصر عبادة وأحسنها، أما عن الأول: فإن القصر المذكور في الآية معقود بشرط الخوف بالاتفاق، إذ الخائف وغيره سواء في قصر السفر، أو نقول: ليس المراد منه قصر أعداد الركعات، بل المراد هو القصر في أوصاف الصلاة كما في الإيماء، أو لإباحة الاختلاف أو المشي في صلاة الخوف.

لأن مثله في غيرها يفسد الصلاة، فسماه قصرا، وأباح الصلاة معه، والتصدق بماله يحتمل التمليك من غير معترض الطاعة، والطاعة إسقاط لا يرتد بالرد، فلأن يكون من معترض الطاعة أولى.

وأما الجواب عن الثاني: ما ذكرناه عن قريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>