للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدتان موجبتان، وهو مأثور عن ابن عباس وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -

ــ

[البناية]

الطهر

م: (مدتان موجبتان) ش: فإن مدة الطهر توجب إعادة ما سقط من الصوم والصلاة بحكم الحيض ومدة الإقامة يوجب ما سقط بحكم السفر حكما متعذرا أدنى مدة الطهر بخمسة عشر يوما، فكذلك أدنى مدة الإقامة، ولهذا قدرنا أدنى مدة الحيض والسفر بثلاثة أيام لكونهما يسقطان.

م: (وهو) ش: أي التقدير بمدة الطهر م: (مأثور عن ابن عباس وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) ش: هذا أخرجه الطحاوي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قالا: إذا قدمت بلدة وأنت مسافر، وفي نفسك أن تقوم خمسة عشر يوما فأكمل الصلاة بها، وإن كنت لا تدري متى تظعن فأقصرها.

وروى ابن أبي شيبة في "مصنفه"، حدثنا وكيع، ثنا عمر بن ذر، عن مجاهد: أن ابن عمر كان إذ اجتمع على إقامة خمسة عشر يوما أتم الصلاة. أخرجه محمد بن الحسن في كتاب " الآثار". أخبرنا أبو حنيفة، ثنا موسى بن مسلم، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر، قال: إذا كنت مسافرا فوطنت نفسك على إقامة خمسة عشر فأتمم الصلاة، وإن كنت لا تدري فأقصر.

وقال الشافعي: إذا نوى إقامة أربعة أيام صار مقيما لا يباح له القصر، وفي قول: إذا أقام أكثر من أربعة أيام كان مقيما، وإن لم ينو الإقامة، واحتج الأول بظاهر قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: ١٠١] (النساء الآية ١٠١) .

علق القصر بالضرب في الأرض، ومن نوى الإقامة فقد قول الضرب، والمعلق بالشرط معدوم عند عدمه، إلا إنما بيناها ما دون ذلك بدليل الإجماع.

والثاني: ما روي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قصر للمهاجرين للمقام بمكة بعد قضاء المناسك ثلاثة أيام» فهو دليل على أن بالزيادة على ذلك يثبت حكم الإقامة، وروي عن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مثل مذهبه، ولما اختلفت الصحابة كان الأخذ بقول عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أولى للاحتياط.

وروي أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما أجلى اليهود والنصارى من جزيرة العرب، ثم ضرب لمن يقدم تاجرا أن يقيم ثلاثة أيام مدة السفر، فإذا زاد على ذلك صار مقيما.

ولنا لما ترك ظاهر الآية بالإجماع كان الأخذ بما قلنا أولى لما روي عن إبراهيم وإبراهيم أنهما قالا: أقل مدة الإقامة خمسة عشر يوما، وسبيل ذلك التوقيف فينزل منزلة المنصوص، وروى جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل مكة صبيحة اليوم الرابع من ذي الحجة، وخرج إلى منى يوم

<<  <  ج: ص:  >  >>