وقال الشافعي: يجب أن يخطب خطبتين قائما يجلس بينهما مع القدرة عليها، وحكى الرافعي وجها آخر أنه لو خطب قائما كفاه الفصل بسكتة من غير جلوس. قال النووي: وهذا شاذ مردود، وقال النووي: القيام والجلوس بينهما سنة عند جمهور العلماء، حتى إن الطحاوي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال: لم يقل أحد باشتراط الجلوس بينهما غير الشافعي.
م:(ويخطب قائما على طهارة) ش: أي ويخطب الإمام حال كونه قائما وحال كونه على الطهارة، أما القيام فإنه سنة عندنا، وعند الشافعي لا تصح الخطبة قاعدا، وبه قال مالك في رواية، وعنه كقولهما، وبه قال أحمد، وأما الطهارة سنة عندنا لا شرط، خلافا لأبي يوسف والشافعي، حتى إذا خطب على غير طهارة يجوز عندنا ويكره، وعندهما لا يجوز، وقال الشافعي في القديم كقولهما، وبه قال مالك وأحمد.
م:(لأن القيام فيها) ش: أي الخطبة. م:(متوارث) ش: أي من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومن الأئمة بعده إلى يومنا هذا، والجواب عما يقال إنه إذا كان كذلك ينبغي أن يكون فرضا، كما قال الشافعي: وهو قول المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
م:(ثم هي) ش: أي الخطبة. م:(شرط الصلاة فيستحب فيها) ش: أي في الخطبة. م:(الطهارة) ش: أي عن الجنابة والحدث. م:(كالأذان) ش: وجه التشبيه بالأذان أن الخطبة ذكرها شبه بالصلاة من حيث إنها أقيمت مقام شطرها. وتقام بعد دخول الوقت والأذان أيضا مقام بعد دخول الوقت، لا يقال ليس بينهما مشابهة، بل بينهما مخالفة، فإذا أذن الجنب تستحب فيها الإعادة طاهرا ولم يذكر خطبة الجمعة هاهنا، لأنا نقول لا فرق بينهما في الحقيقة، غير أن الأذان لا يتعلق به حكم الجواز، فذكر استحباب الإعادة، والخطبة يتعلق بها حكم الجواز فذكر الجواز هاهنا، واستحباب الإعادة هاهنا كهو في الأذان.
ولم يذكر المصنف أنه هل يعيد الخطبة أو لا، فذكر في "نوادر أبي يوسف " أنه يعيدها وإن لم يعدها جاز، لأنه ليس من شرط استقبال القبلة بخلاف الأذان، فإنه يعيد، لأن الأذان أشبه بالصلاة من الخطبة، ألا ترى أنه شرع استقبال القبلة بخلاف الخطبة، ولكن يكون مسيئا إذا تعمد ذلك، لأنها الصلاة حتى أقيمت مقام الشفع في الظهر، ولأن فيه دخول المسجد جنبا، وهو مكروه.
وقال الأترازي: قوله "كالأذان" فيه نظر، لأنه يفهم من هذا التركيب أن الأذان شرط الصلاة وليس كذلك، لأنه سنة.