للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال الحمد لله فارتج عيه فنزل وصلى.

ــ

[البناية]

قلت: قال ابن العربي: خرج في الصحيح، ولكن المشهور أنه من قول ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ومعنى مئنة أي علامة على تفهمه، وجعل الجوهري الميم أصلية، وقيل هي فعلية، ونقل الأزهري عن أبي عبيد أن وزنها مفعلة فتكون الميم زائدة.

وقال ابن الأثير: وحقيقتها أنها مفعلة، من معنى أن التي للتخفيف والتأكيد غير مشتقة من لفظها، لأن الحروف لا تشتق منها، وإنما ضمت حروفها؛ دلالة على أن معناها فيها، ولو قيل: إنها اشتقت من لفظها بعدما جعلت اسما، لكان قولا، ومن أغرب ما قيل فيها: إن الهمزة بدل من الطاء في الخطبة، والميم في ذلك كلمة زائدة.

م: (وعن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: الحمد لله فأرتج عليه فنزل وصلى) ش: هذا غريب ولكن اشتهر في كتب الفقه أن عثمان قال على المنبر الحمد لله فأرتج عليه، فقال: إن أبا بكر وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كان يعدان لهذا المقام مقالا، وإنكم إلى إمام عادل أحوج منكم إلى إمام قوال، وسيأتي في الخطبة بعد هذا والسلام.

وذكره الإمام القاسم بن ثابت السرقسطي في كتاب " غريب الحديث " من غير سند، فقال: روي عن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه صعد المنبر فأرتج المنبر عليه، فقال: الحمد لله إن أول كل مركب صعب وإن أبا بكر وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كانا يعدان لهذا المقام مقالا، وأنتم إلى إمام عادل أحوج منكم إلى إمام قائل، وإن أعش تأتكم الخطبة على وجهها، ويعلم الله إن شاء الله، انتهى.

قال السراج: فنزل وصلى الجمعة ولم ينكر عليه أحد من الصحابة، فدل أنه يكتفي بهذا القدر، ومراده من قوله وأنتم إلى إمام عادل أحوج منكم إلى إمام قوال، أن الخطباء الذين يأتون بعد الخلفاء الراشدين يكونون على كثرة المقال مع قبح الفعال، وإن لم أكن مثلهم فأنا على الخير دون الشر، فأما أن يريد بهذه المقالة تفضيل نفسه على الشيخين فلا، كذا في " المحيط ".

وروي أن الحجاج لما أتى العراق وصعد المنبر أرتج عليه، فقال: "يا أيها الناس قد هالني كبر رءوسكم وإحداقكم إلي بأعينكم، وإني لا أجمع عليكم بين الشيخ والصبي في نعماء بني فلان، فإذا قضيتم الصلاة فانتهبوها فنزل، وصلى معه أنس بن مالك وغيره من الصحابة، كذا في " المبسوط ".

وقال تاج الشريعة: وصلى معه ابن عمر وأنس والحسن وغيرهم من علماء التابعين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وقال السروجي: وروي عنه أنه كتب إلى الوليد بن عبد الملك يشكو إليه الحصر في الخطبة وقلة شهوة الأكل وضعف شهوة الجماع، فكتب إليه الوليد أنك إذا خطبت انظر إلى أخريات الناس ولا تنظر إلى من يكون تقرب منك، وأكثر ألوان الأطعمة، فإنك لو أكلت من

<<  <  ج: ص:  >  >>