كان قبل أن يقدم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما رواه البيهقي في "سننه الكبرى". والثاني: أنه يجوز مع الأربعين ولا يدل على عدم الجواز بدون الأربعين، ونحن نجوزه بدون الأربعين وبأقل من الأربعين وبأكثر منها.
واحتج الشافعي أيضا بما روي عن جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال:«مضت السنة أن في كل أربعين فما فوقها جمعة» .
وبما روي عن أبي هريرة أنه أقام الجمعة بجواثا بإذن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وفيها أربعون رجلا، وبما روي عن أبي أمامة أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال:«لا جمعة إلا بأربعين» .
وبما روي عنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال:«إذا اجتمع أربعون فعليهم الجمعة» وأيضا لم ينقل على عهد النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - والخلفاء بعده الجمعة بأقل من أربعين رجلا.
والجواب عما روى جابر:
إن قلت: إنه لا يدل على نفي الجواز بما دون الأربعين.
قلت: في قول الصحابة: مضت السنة، خلافا بين العلماء، وقال النووي: حديث جابر هذا ضعيف، رواه البيهقي وغيره بإسناد ضعيف، وقال: هو حديث لا يحتج بمثله.
والجواب عن حديث أبي هريرة: كالجواب عن حديث جابر.
والجواب عن حديث أبي أمامة: أنه لا أصل له، والجواب عما روي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا اجتمع أربعون فعليهم الجمعة» أن صاحب الوجه ذكره ولم يثبت عند أهل النقل.
والجواب عن قولهم ينقل على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.... إلخ: أنه يرده ما رواه البخاري ومسلم - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - من حديث جابر قال: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب قائما يوم الجمعة فقدم عير من الشام فنفر الناس وبقي معه اثنا عشر رجلا فأنزل الله تعالى:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}[الجمعة: ١١](الجمعة: الآية ١١) » ، قال أبو بكر الرازي: ومعلوم أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يترك الجمعة منذ قام بالمدينة، ولم يذكر رجوع القوم، فوجب أن يكون قد صلى باثني عشر رجلا، فبطل اشتراط الأربعين كما قال الشافعي وابن حنبل رحمهما الله، ولأن أول جمعة كانت بالمدينة صلاها مصعب بن عمير - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - باثني عشر رجلا قبل الهجرة، فبطل بذلك اشتراط الأربعين.