عيدان اجتمعا في يوم واحد، فالأول سنة والثاني فريضة
ــ
[البناية]
كفاية. وفي " العتبية " قيل هي فرض، وأطلق، وقال مالك والشافعي - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - هي سنة مؤكدة، وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أيضا تجب صلاة العيد على كل من تجب عليه الجمعة، وهذا منه يقتضي أن تكون فرض عين، لأن الفرض والواجب عنده في غير الحج واحد، وهو خلاف الإجماع ولهذا تكلموا فيه، وقال ابن العربي في المعارضة: لا أعلم أحدا قال إنها فرض كفاية إلا الإصطخري من الشافعية.
قلت: ظاهر مذهب أحمد أنها فرض كفاية، ذكر عنه في " المغني "، وقال في " جوامع الفقه " هو قول ابن أبي ليلى، وقال إمام الحرمين قال به طائفة مع الإصطخري، قوله- على من تجب عليه الجمعة - مشير إلى أنها لا تجب على العبد والمسافر والمريض كالجمعة.
فإن قلت: ينبغي أن تجب عليه الجمعة مع إذن مولاه لقيام الظهر مقام الجمعة، وهاهنا ليس كذلك.
قلت: نعم، كذلك إلا أنها لا تجب عليه مع الإذن أيضا، لأن المنافع بالإذن لا تصير مملوكة للعبد، فبقي الحال في الإذن كهي قبله، كما في الحج، فإنه لا يقع من حجة الإسلام، وإن حج بإذن مولاه، وكذلك العبد إذا حنث في يمينه يكفر بالمال بإذن مولاه فإنه لا يجوز، لأنه لم يملكه بالإذن.
وقال الشافعي: لا يشترط لها ما يشترط للجمعة، حتى يجوز أن يصلي العبد العيد والمسافر والمرأة والمنفرد حيث شاء، وأهل القرى لأنها نافلة، فأشبهت صلاة الاستسقاء والخسوف، وقال في القديم وهو رواية عن أحمد كقولنا. وفي " الجامع الصغير " عيدان اجتمعا في يوم واحد فالأول سنة والثاني فريضة ولا يترك واحد منهما لما ذكر "المصنف" - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن صلاة العيدين واجبة أراد به بلفظ الجامع الصغير ليدل على أنها سنة عند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قال شمس الأئمة السرخسي: اشتبه المذهب فيها هل هي واجبة أم سنة، فالمذكور. م:(في الجامع الصغير) ش: أنها سنة لأنه قال.
م:(عيدان اجتمعا في يوم واحد فلأول سنة والثاني فريضة) ش: وهو تنصيص على السنة.
قال: والأظهر أنها سنة ولكنها من معالم الدين إقامتها هدى وتركها ضلالة، وقال شيخ الإسلام: والصحيح أنها سنة مؤكدة. وقال السغناقي: كل موضع فيه نوع مخالفة بين روايتي القدوري و" الجامع الصغير "، ويفيد لفظ " الجامع الصغير "، ومخالفته هنا ظاهرة وهي إطلاق الواجب على صلاة العيد في لفظ القدوري وإطلاق السنة في " الجامع الصغير "، وتبعه في هذا الكلام صاحب " الدراية " ثم الأكمل كذلك.