واختلف المشايخ في اشتراط الحرية على قوله فمنهم من شرطها قياسا على الجمعة والعيد ومنهم من لم يشترطها قياسا على سائر الصلاة، وفائدته تظهر فيما إذا أم العبد صلاة المكتوبة في هذه الأيام، فمن شرطها لم يوجب التكبير، ومن لم يشترط أوجبه.
م:(والتشريق هو التكبير) . ش: أشار بهذا إلى أن المراد من قوله في الحديث المذكور آنفا لا جمعة ولا تشريق، أي ولا يكبر، وإن كان متعددا كما ذكرناه في أول الفصل، وأشار إلى صحة مجيء التشريق بمعنى التكبير بقوله، م:(كذا نقل عن الخليل بن أحمد) ، ش: وهو من أئمة اللغة، وكذا نقل عن النصر بن سهيل.
وقال تاج الشريعة: فإن صح النقل عنهما فظاهر وإلا فلا بد من التحمل لقول الفقهاء، فيقول: إن التشريق في اللغة تقديد اللحم في الشمس، والمطلق من الشرع لصلاة العيد مأخوذ من شروق الشمس، أي طلوعها أو إشراقها أي إضاءتها، لأن ذلك وقتها، وتسمية أيام التشريق، إما أنها توابع ليوم النحر، أو لأن لحوم الأضاحي تشرق فيها.
إذا عرفت ذلك نقول التكبير يصح مرادا بالتشريق مجازا فيحمل النص عليه، وإنما قلنا إنه يصح مرادا، لأنه وصلاة العيد مشتركان في الوقت، ويكون كل واحد منهما شعارا يجهر به من شعائر الإسلام وملازمته بينهما من حيث إنهم يجهرون بالتكبير في الخروج إلى المصلى وهو مسنون في عيد الأضحى بلا خلاف، وفي عيد الفطر في رواية، وإطلاق اسم أحد الملزمين أو المتلازمين على الآخر مجازا شقص صحيح كإطلاق الأسد على الجريء والصلاة غير معينة به في الحديث، لأن حكمها قد أفيد بقوله:" لا فطر ولا أضحى "، فإن المراد بها صلاة العيدين وهو ظاهر، أو بقول التشريق، وإن كان على حقيقته فإنه أراد بقوله:" ولا تشريق " ولا تكبير تشريق فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. انتهى.
قلت: ولهذا يجاب لمن قال: إذا كان التشريق هو التكبير بقوله: كأنه قال: تكبير التكبير، وهذا ممتنع، لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه فافهم.
واعلم أن الخليل بن أحمد بن عمرو بن حتم الفراهيدي، ويقال الفرهودي الأزدي التحمدي كان إماما في علم النحو واللغة، وله تصانيف فيهما، وسيبويه أخذ عنه علوم الأدب، مات في سنة خمس وسبعين ومائة، وقيل: عاش أربعا وسبعين سنة، ومن تلامذته النضر بن شميل بن خرشة التميمي المازني النحوي البصري وله تصانيف، مات في سلخ ذي الحجة سنة أربع ومائتين بمدنية مرو من بلاد خراسان وبها ولد، ونشأ في البصرة فكذلك نسب إليها.