ولأن الجهر بالتكبير خلاف السنة، والشرع ورد به عند استجماع هذه الشرائط إلا أنه يجب على النساء إذا اقتدين بالرجال، وعلى المسافرين عند اقتدائهم بالمقيم بطريق التبعية، قال يعقوب - رَحِمَهُ اللَّهُ -: صليت بهم المغرب يوم عرفة فسهوت أن أكبر فكبر أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، دل أن الإمام وإن ترك التكبير لا يتركه المقتدي وهذا لأنه لا يؤدى في حرمة الصلاة، فلم يكن الإمام فيه حتما وإنما هو مستحب.
ــ
[البناية]
م:(ولأن الجهر بالتكبير خلاف السنة) ، ش: لأن الأصل في الدعاء الإخفاء، فلا تكون سنة إلا في موضع النص أو الإجماع ولم يوجدا فيما ذكرناه. م:(والشرع ورد به) ، ش: أي بالجهر. م:(عند استجماع هذه الشرائط) ، ش: أشار به إلى الفرض والإقامة والمصر والجماعة والذكورية. م:(إلا أنه) ، ش: أي إلا أن التكبير. م:(يجب على النساء إذا اقتدين بالرجال وعلى المسافرين) ، ش: أي ويجب أيضا على المسافرين. م:(عند اقتدائهم بالمقيم بطريق التبعية) ، ش: أي الإمام، وفي النحر غير أن المسافر يكبر جهرا والمرأة لا تكبر جهرا.
م:(قال يعقوب) ، ش: أي أبو يوسف، م:(صليت بهم المغرب) ، ش: أي بالمسافرين، م:(يوم عرفة) ، ش: هذا مجاز لقرب المغرب من النهار، أو لأن ليلة النحر ملحقة باليوم الذي قبلها في حكم الوقت، لأن مدركها مدرك الحج، م:(فسهوت أن أكبر) ، ش: أي عن التكبير فكلمة أن مصدرية، م:(فكبر أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - دل) ، ش: أي تكبير أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، م:(أن الإمام وإن ترك التكبير لا يتركه المقتدي) ، ش: كالذي يتلو آية السجدة إذا تركها وهو إمام السامعين لا يترك السامعون.
م:(وهذا) ، ش: توضيح لما قبله، م:(لأنه) ، ش: أي لأن التكبير، م:(لا يؤدى في حرمة الصلاة) ، ش: بل يؤدى في أثرها، م:(فلم يكن الإمام فيه حتما) ، ش: أي واجبا، بخلاف سجود السهو إذا تركها الإمام يتركه المقتدي أيضا، م:(وإنما هو) ، ش: أي الإمام، م:(مستحب) ، ش: أي وجوده في التكبير فيكبر إذا تركه إمامه، ولكن إنما يكبر قبله إذا وقع إلباس عن تكبير إمامه بأن قام، وفي ذكر هذه المسألة فوائد.
منها: بيان منزلة أبي يوسف عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - حيث قدمه واقتدى به، ومنها بيان حشمة أستاذه حيث ذكره بسهوه فكبر ليتذكر هو ويكبر.
ومنها: أن الأستاذ إذا تفرس في بعض أصحابه الخير يقدمه ويعظمه عند الناس حتى يعظموه كما فعل أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
ومنها: أن التلميذ لا ينبغي أن ينسى حرمة أستاذه وإن قدمه أستاذه وعلمه، ألا ترى أن أبا يوسف شغله ذلك حتى سها.