فإن اشتد الخوف صلوا ركبانا فرادى يومئون بالركوع والسجود إلى أي جهة شاؤوا إذا لم يقدروا على التوجه إلى القبلة لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}[البقرة: ٢٣٩](البقرة: الآية ٢٣٩] ، وسقط التوجه للضرورة. وعن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنهم يصلون بجماعة، وليس بصحيح لانعدام الاتحاد في المكان
ــ
[البناية]
وحين سمع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بإقبالهم ضرب الخندق على المدينة - أشار عليه بذلك سلمان الفارسي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - واشتد الخوف، وظن المؤمنون كل الظن، وقال بعض المنافقين كان محمد يعدنا كنوز كسرى وقيصر، ولا يقدر أن يذهب إلى الغائط، وكانوا ثم قريبا من شهر حتى أنزل الله النصر، وذلك قَوْله تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا}[الأحزاب: ٩] أي ريح الصبا {وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا}[الأحزاب: ٩] أي جنود الملائكة، إلى قَوْله تَعَالَى:{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ}[الأحزاب: ٢٥][الأحزاب: ٢٥] أي بالريح والملائكة، قال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور» .
م: (فإن اشتد الخوف) ش: يعني إذاكان الخوف أشد من الأول، بحيث لا يتهيأ لهم النزول عن الدابة لأجل هجوم العدو عليهم م:(صلوا ركبانا) ش: أي حال كونهم راكبين م: (فرادى) ش: أي منفردين م: (يومئون بالركوع والسجود إلى أي جهة شاؤوا) ش: ويجعلون السجود أخفض من الركوع م: (إذا لم يقدروا على التوجه إلى القبلة) ش: هذا قيد إلى قوله إلى أي جهة شاؤوا.
وفي " الذخيرة ": إذا اشتد الخوف صلوا رجالا قياما على أقدامهم، أو ركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبيلها، وقال القاضي عياض في " الإكمال ": لا يجوز ترك استقبال القبلة فيها عند أبي حنيفة، وهو غلط منه، ولا يجوز في جماعة عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - وبه قال ابن أبي ليلى.
م:(لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}[البقرة: ٢٣٩] (البقرة: ٢٣٩) ش: أي فإن كان بكم خوف من عدو فصلوا رجالا، أي راجلين، وهو جمع راجل، وهو الماشي لا جمع رجل، قوله {أَوْ رُكْبَانًا}[البقرة: ٢٣٩] يجوز بالإيماء م: (وسقط التوجه) ش: أي إلى القبلة م: (للضرورة) ش: أي لأجل الضرورة م: (وعند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أنهم) ش: أي أن الركبان م: (يصلون بجماعة) ش: يعني عند محمد يجوز، وبه قال الشافعي م:(وليس بصحيح) ش: أي ما قاله محمد ها هنا، بخلاف ظاهر الراوية وهو غير صحيح م:(لانعدام الاتحاد في المكان) ش: أي في مكان الصلاة، وهذا لا يلزم الفصل بين المقتدي وبين الإمام بما ليس بمكان للصلاة، فلا يجوز كما لو كان بينهما نهر أو طريق أو حائط.
وإن صلوا ركبانا والدابة تسير تجوز، والأصل أن كل صلاة تجوز راكبا تجوز مع السير كالنفل، وفي " المحيط " ولأن السير فعل الدابة حقيقة، وإنما أضيف إليه بمعنى فإذا جاء العدو