فإن قلت: ليس بين الحديثين منافاة، فلا تعارض فلا حاجة إلى التوفيق.
قلت: ظهر لك صحة حديث أبي هريرة بالوجوه التي ذكرناها، فثبت التعارض.
فإن قلت: مسلم أخرج حديث عائشة ولم يخرج حديث أبي هريرة.
قلت: لا يلزم من ترك مسلم تخريجه عدم صحته، لأنه لم يلزم إخراج كل ما صح عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وكذلك البخاري، ولئن سلمنا ذلك فإن حديث أبي هريرة لا يخلو من كلام، فكذلك حديث عائشة لا يخلو من كلام، لأن جماعة من الحفاظ مثل الدارقطني وغيره عابوا على مسلم تخريجه إياه سندا، لأن الصحي أنه مرسل كما رواه مالك والماجشون عن أبي النضر عن عائشة مرسلا، والمرسل ليس بحجة عند الخصم، وقد أول بعضهم حديث عائشة بأنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنما صلى في المسجد بعذر المطر، وقيل بعذر الاعتكاف، وعلى كل تقدير الصلاة على الجنازة خارج المسجد أولى وأفضل، بل أوجب للخروج عن الخلاف لا سيما في باب العبادات.
م:(ولأنه بني لأداء المكتوبات) ش: أي ولأن المسجد بني لإقامة الصلوات المكتوبات، فيكون غيرها في خارج المسجد أولى وأفضل م (ولأنه يحتمل تلويث المسجد) ش: أي ولأن فعل صلاة الجنازة في المسجد يحتمل تلويثه، وقد أمرنا بتنظيفه، وقد قال - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم» فإذا أمروا أن يجبنوا الصبيان والمجانين المساجد فالميت أولى لأنه لا [......] له، فلا يؤمن منه تلويث المسجد.
م:(وفيما إذا كان الميت خارج المسجد اختلاف المشايخ) ش: قوله اختلاف المشايخ مبتدأ وخبره قوله فيما إذا كان الميت وانتصاب خارج المسجد على التوسع، يعني في خارج المسجد، وذكر في تتمة الفتاوى ناقلا عن فتاوى الإمام نجم الدين إذا كانت الجنازة والقوم والإمام في المسجد فالصلاة مكروهة باتفاق أصحابنا، وإذا كانت الجنازة والإمام وبعض القوم خارج المسجد وباقي القوم في المسجد فالصلاة غير مكروهة بالاتفاق.
وإن كانت الجنازة وحدها خارج المسجد فقد اختلف المشايخ فيه، بعضهم قالوا يكره، منهم السيد الإمام أبو شجاع لما أن المسجد بني لأداء المكتوبات، وقال بعضهم لا يكره، لأن المعنى الموجب للكراهة وهو احتمال تلويث المسجد مفقود، ولا يقال يلزم على ما ذهب إليه السيد الإمام أبو شجاع أن لا يجوز التطوع في المسجد، لأنا نقول أن التطوع تبع للمكتوبة، فألحق بها، بخلاف صلاة الجنازة لأنها جنس آخر. وقال إسماعيل المتكلم: الصلاة عليه في