لهما. رواه أبو داود ولم يأمره بالوضوء ولا إعادة الصلاة.
وأخرج هذا أيضا ابن حبان في "صحيحه " والبخاري أيضا معلقا، ورواه الدارقطني والبيهقي في "سننيهما "، إلا أن البيهقي رواه بإيضاح في كتاب " دلائل النبوة "، وقال فيه:«فنام عمار بن ياسر وقام عباد بن بشر يصلي، وقال: كنت أصلي بسورة وهي الكهف، فلم أحب أن أقطعها» .
الجواب عن الحديث الأول أنه غريب فلا يعارض المشهور، والحديث الثاني: لا يعرف له أصلا، والثالث: متروك الظاهر لأن الوضوء يجب من غير الصوت والريح بالاتفاق، والرابع: فيه عتبة بن السكن، قال الدارقطني: هو متروك، والخامس: يحتمل أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لم يعلم بحاله على الفور ثم علم فأمره بالإعادة بغير علم الراوي، ولو وقع التعارض لطلبنا الترجيح وذلك من وجهين:
أحدهما: إجماع الصحابة على مثل مذهبنا ولو كانت الأخبار غير ثابتة لما أجمعوا، والثاني: أن أخبارنا مثبتة وأخباره منفية والمثبت يقدم كذا قاله صاحب " أرباب الإنصاف " من أصحابنا ولا يخلو عن نظر.
وقال صاحب " كتاب اللباب " وقيل هذا لا يصح الاستدلال به فإن الدم حين خرج أصاب بدنه وثوبه فينبغي أن يخرج من الصلاة ولم يخرج فلما لم يدل مضيه في الصلاة على جواز الصلاة مع النجاسة كذلك لا يدل مضيه فيها على أن خروج الدم لا ينقض الوضوء فإن قيل: أصاب الدم شيئا من بدنه، أو ثيابه شك فيه أو شك أنه يصير عمل في الصلاة أو كثير لا يحتمل فيها، وأما خروجه فإنه ينجس به لأنه خارج من بدنه، قيل له، قيل له: هذه مكابرة كيف يحصل له الشك، وقد قال جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فلما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدماء، والمهاجري قد رآه بالليل ويقال: ما رأى الدماء ببدنه وثيابه لأنه قال: ما بالأنصاري من الدماء، ولم يقل ما بالأرض والدم السائل في الليل لا يكون يسيرا فكيف قد جمع الدم في رواية حيث قال: فلما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدماء، قال: سبحان الله وذلك لأنه وقد أصابه بثلاثة أسهم والظاهر أنها في ثلاثة مواضع، ثم إن هذا نقل واحد من الصحابة ولعل هذا كان مذهبا له وكان غيره عالما بحكمه، وقال الخطابي أكثر الفقهاء على انتقاض الوضوء بسيلان الدم وهذا أقوى إلى الاتباع.