ولأن غسل غير موضع الإصابة أمر تعبدي فيقتصر على مورد الشرع وهو المخرج المعتاد، ولنا قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الوضوء من كل من كل دم سائل»
ــ
[البناية]
م:(ولأن غسل غير موضع الإصابة أمر تعبدي فيقتصر على مورد الشرع وهو المخرج المعتاد) ش: هذا دليل الشافعي من جهة العقل، قوله:"تعبدي" أي أمر تعبدنا به حين كلفنا الله به من غير معنى يعقل إذ العقل إنما يقتضي وجوب غسل موضع إصابة النجاسة فيقتصر على مورد الشرع وهو المخرج المعتاد، ويجوز أن يكون معناه أمر تعبدي أن القياس يقتضي وجوب غسل كل الأعضاء كما في المني بل بطريق الأولى لأن الغائط أنجس من المني للاختلاف في نجاسته دون الغائط فالاقتصار على الأعضاء الأربعة أمر تعبدي.
م: (ولنا قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الوضوء من كل دم سائل» ش: هذا أخرجه الدارقطني في "سننه " من حديث عمر بن عبد العزيز عن تميم الداري، وقال الدارقطني: عمرو بن عبد العزيز لم يسمع من تميم، ورآه وفي مسنده يزيد بن خالد عن يزيد بن محمد وكلاهما مجهولان.
قلت: الحديث هذا مرسل والمراسيل عندنا حجة لما عرف في أصولنا، ويعزى هذا لزيد بن ثابت نحوه أخرجه ابن عدي في " الكامل " في ترجمة أحمد بن فرج عن بقية حدثنا عن شعبة عن محمد بن سليمان عن عاصم عن عمر بن الخطاب عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الوضوء من كل دم سائل» ، قال ابن عدي: هذا الحديث لا نعرفه إلا من حديث أحمد لهذا، وهو عمن لا يحتج بحديثه ولكنه يكتب فإن الناس مع ضعفه قد احتملوا حديثه.
وقال ابن أبي حاتم: في كتاب " العلل " كتبنا عنه، ومحمله عندنا الصدق، وجه الاستدلال به أن مثل هذا التركيب يفهم منه الوجوه كما في قوله:«في خمس من الإبل شاة» ولا خلاف في الفرضية، فكان معناه توضأ من كل دم سائل من البدن، وإنما عبر بلفظ الخبر لكونه آكد في الدلالة على الوجوب كأنه أمر فامتثل أمره فأخبر عن ذلك، وهو آية كونه واجبا فإن الأمر إذا كان ممن لا يكذب في كلامه يعبر عن مطلوبه بلفظ الخبر تأكيدا للطلب، كذا قاله الأكمل وأخذه من