ونحن نقول: الصلاة على الميت لإظهار كرامته، والشهيد أولى بها،
والطاهر من الذنوب لا يستغني عن الدعاء كالنبي والصبي
ــ
[البناية]
يمحاه أيضا فهو ممحو وممحي، صارت الواو بالكسرة ما قبلها فأدغمت في الياء التي هي لام الفعل.
م: (ونحن نقول: الصلاة على الميت لإظهار كرامته والشهيد أولى بها) ش: أي بهذه الكرامة، ولهذا اختص المسلمون بهذه الكرامة، والشهيد من جملة أموات المسلمين والصلاة عليهم فرض من فروض الكفاية عليهم فلا يسقط من غير فعل أحد بالتعارض، بخلاف غسله؛ إذ النص في سقوطه لا معارض له.
م: (والطاهر من الذنوب لا يستغني عن الدعاء) ش: هذا جواب عن قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - السيف محاء للذنوب، وتقريره أن العبد وإن تطهر من الذنوب لم يبلغ درجة عن الاستغناء عن الدعاء م: (كالنبي والصبي) ش: فإن النبي مطهر من الذنوب مع أنه صلي عليه، ومع هذا لا يبلغ أحد درجة الأنبياء، وكذلك الصبي مطهر من الذنوب، وقد صلي عليه.
فإن قلت: روى البخاري عن جابر «أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يصل على قتلى أحد،» وروى أبو داود عن أنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم» .
قلت: روى البخاري أيضا عن أبي الخير عن عقبة بن عامر الجهني «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج يوما فصلى على شهداء أحد صلاته على الميت، ثم انصرف، قال عقبة: فكانت آخر ما رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المنبر» وزاد ابن حبان: «ثم دخل بيته فلم يخرج حتى قبضه الله عز وجل» .
والميت أولى في باب التراجيح، على أن جابرا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان يومئذ مشغولا، فقد قتل أبوه وأخوه وخاله في ذلك، فرجع إلى المدينة ليدبر حالهم، وكيف يحملهم فلم يكن حاضرا حتى صلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على شهداء أحد، وقد روى ما روى. وذكر الواقدي أيضا في غزوة أحد قال جابر بن عبد الله: «كان أول قتيل قتل من المسلمين يوم أحد، قتله سفيان بن عبد شمس فصلى عليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل الهزيمة» .
وروى النسائي عن شداد بن الهاد «أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -....
.» الحديث، وفيه أنه استشهد فصلى عليه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وروى البخاري في "صحيحه «أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى على شهداء أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات» وعن أبي مالك الغفاري قال: «كان يجاء بقتلى أحد تسعة وحمزة عاشرهم فيصلي عليهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيدفنون التسعة ويدعون حمزة، ثم يجاء بتسعة وحمزة عاشرهم فيصلي عليهم فيدفنون التسعة ويدعون حمزة،» رواه الطحاوي والدارقطني.