للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما روي «أن رجلا جعل بعيرا له في سبيل الله، فأمره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يحمل عليه الحاج»

ــ

[البناية]

وحكى أبو ثور عن أبي حنيفة أنه الغازي دون الحاج، وذكر ابن بطال في " شرح البخاري " أنه قول أبي حنيفة ومالك والشافعي، ونقله النووي في شرحه، وقال السروجي: فهؤلاء نقلوا قول أبي حنيفة، ثم وجدت في " خزانة الأكمل " ما يوافق نقل هؤلاء الجماعة، فقال: في سبيل الله فقراء الغزاة عندنا، وعند محمد منقطع الحاج، فهذا يدل على أن ذلك رواية عن محمد وهي قول ابن عباس وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وبه قال أحمد في رواية وإسحاق واختاره البخاري. وقال ابن عبد الحكم: يدخل في شراء المساحي والحبال والمراكب، وكراء النواتية للغزو، وتدفع للجواسيس النصارى.

وقال النووي في شرح "المهذب " هم الغزاة المنقطعون الذي لا حق لهم في الديوان، وفي المرغيناني، وقيل: في سبيل الله طلبة العلم، وقال: النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مدينة العلم أرسل ليبين للناس ما ترك إليهم، وغالب من اتبعه في أول الإسلام فقراء منقطعون لأخذ العلم عنه كأبي هريرة وغيره، وكأنه عبر عنهم بعبارة يفهمها أهل الزمان الآن، والله أعلم، وقال السروجي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وهذا بعيد، فإن الآية نزلت وليس هناك قوم يقال لهم: طلبة العلم.

م: (لما «روي أن رجلا جعل بعيرا له في سبيل الله فأمره النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يحمل عليه الحاج» ش: هذا الحديث له أصل في سنن أبي داود، والنسائي، والحاكم، والطبراني، والبزار، وليس بهذه العبارة، فروى أبو داود، عن إبراهيم بن مهاجر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال: «أخبرني رسول مروان الذي أرسل إلى أم معقل قالت: كان أبو معقل حاجا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما قدم قالت أم معقل: قد علمت أن علي حجة، فانطلقا يمشيان حتى دخلا عليه فقالت: يا رسول الله إن علي حجة، وإن لأبي معقل بكرا فقال أبو معقل: صدقت جعلته في سبيل الله، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أعطها فلتحج عليه فإنه في سبيل الله" فأعطاها البكر فقالت: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إني إمرأة قد كبرت وسقمت فهل من عمل يجزئ عني من حجتي، فقال: "عمرة في رمضان تجزئ حجة» ، ورواه أحمد في "مسنده"، ورواه أبو داود أيضا، من غير هذا الطريق.

وقال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وجه قول محمد، ما روى البخاري في "الصحيح "، عن أبي لاس، قال: «حملنا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على إبل الصدقة للحج» قال: يعلم من ذلك أن سبيل الله، منقطع الحاج، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صرف الصدقة إليه.

قلت: فيه تأمل لا يخفى، ثم قال: وجه قول أبي يوسف ما روى البخاري أيضا في " الصحيح " أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إن خالدا احتبس أدراعه في سبيل الله» ، ولا شك أن الدرع

<<  <  ج: ص:  >  >>