سجود السهو اختلاف المشايخ فيه. ولو نام في سجوده معتمدا انتقض وضوؤه عند أبي يوسف، وقال: وضوؤه باق لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا نام العبد في السجود يباهي الله تعالى به ملائكته فيقول: انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده في طاعتي» . فإن قلت: ما حال هذا الحديث؟
قلت: قال في " الأسرار ": وهو من المشاهير. وقال في " البدائع " وفي المشهور من الأخبار ورد ذلك. وقال السروجي وكتب أصحابنا مشحونة به، وما وقعت له على أصل. قلت: الكلام في صحته وكونه من المشاهير زيادة درجة ويرد قول السروجي ما رواه البيهقي في "الخلافيات " من حديث أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ولكن في إسناده داود بن الزبير فإنه ضعيف، وروي من وجه آخر عن أبان عن أنس، وأبان متروك. ورواه ابن شاهين في " الناسخ والمنسوخ " من حديث المبارك بن فضالة.
وذكره الدارقطني في " العلل " من حديث عبادة بن راشد كلاهما عن الحسن عن أبي هريرة بلفظ: «إذا نام وهو ساجد يقول الله: انظروا إلى عبدي» قال وقيل عن الحسن تلقاه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: والحسن لم يسمع من أبي هريرة، ومرسل الحسن أخرجه أحمد في الزهد، ولفظه:«إذا نام العبد وهو ساجد يباهي الله به الملائكة، يقول: انظروا إلى روحه عندي وهو ساجد» وروى ابن شاهين عن أبي سعيد بمعناه وإسناده ضعيف.
فائدة: نوم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليس بحدث، وروى محمد عن أبي حنيفة بإسناده إلى «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه نام على جنبه وصلى بغير وضوء، وقال:"تنام عيني ولا ينام قلبي» وهو من خصائصه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وقال النووي: من خصائصه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه لا ينتقض وضوؤه بالنوم مضطجعا للأحاديث الصحيحة ثم صلى ولم يتوضأ، وقال:«إن عيني تنام، ولا ينام قلبي»
ومنها حديث «ابن عباس قال: نمت عند خالتي ميمونة الحديث وفيه: "فنام حتى أتاه بلال - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فآذنه بالصلاة فقام وصلى ولم يتوضأ» رواه البخاري في الدعوات، ومسلم في التهجد.
فإن قلت: هذا يعارضه الحديث الصحيح «أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نام في الوادي عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس» ولو كان غير نائم القلب لما ترك صلاة الصبح.