أحدهما: يحسن بما يتعلق بالبدن من الحديث وغيره وسريه القلب وليس طلوع الفجر والشمس من ذلك ولا هو مما يدرك بالقلب، وإنما يدرك بالعين والعين نائمة.
والثاني: أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان له نومان: أحدهما ينام قلبه، ولا ينام عيناه. والثاني: تنام عينه دون قلبه وكان الوادي من النوع الأول.
فائدة أخرى: قال ابن القطان: أجمع الفقهاء أن النوم القليل لا ينقض الوضوء، إلا المزني فإنه خرق الإجماع وجعل قليله حدثا، وذكر في العارضي أن إسحاق بن راهويه حينئذ معه في هذا، قال: وأجمعوا على أن النوم المضطجع ينقض الوضوء.
قلت: وعند أبي موسى الأشعري والطعام لا ينقض، وبه قال لاحق بن حميد، وعبيدة. وعن سعيد بن المسيب أنه كان ينام مضطجعا وقت الصلاة، ثم يصلي ولا يعيد الوضوء.
ومذهب البعض أن كثيره ينقض بكل حال، وقليله لا ينقض بكل حال وبه قال الزهري وربيعة والأوزاعي ومالك وأحمد في رواية.
ومذهب البعض أنه لا ينقض إلا نوم الراكع والساجد، وروي هذا عن أحمد، ومذهب البعض أنه لا ينقض النوم في الصلاة بكل حال، وينقض خارج الصلاة وهو قول ضعيف للشافعية - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -.
وللشافعي في النوم خمسة أقوال: الصحيح منها أنه إن قام ممسكا مقعدته من الأرض أو نحوها لم ينقض سواء كان في الصلاة أو غيرها وسواء طال نومه أو لا. والثاني: أنه ينقض بكل حال وهذا نصه في البويطي، قال النووي: وتأول أصحابنا نصه في البويطي على أن المراد أنه نام غير متمكن. وقال إمام الحرمين قال الأئمة إنه غلط البويطي. وقال النووي: هذا الذي قاله ليس بجيد، والبويطي يرتفع عن الغلط والصواب تأويله.
قلت: المجتهد يخطئ، والغلط أدنى منه. الثالث: إن نام في الصلاة لم ينقض على أي هيئة كان، فإن نام في غيرها غير ممكن مقعدته من الأرض ينتقض، وإلا فلا. والرابع: إن نام ممكنا أو غير ممكن وهو على هيئة الصلاة سواء كان في الصلاة أو غيرها لم ينتقض، وإلا ينتقض، والخامس: إن نام ممكنا أو قائما لا ينتقض وإلا ينتقض. وقال: الصواب هو القول الأول، وما سواه ليس بشيء، وتحرير مذهب مالك على أربعة أقسام طويل ثقيل يؤثر في النقض بلا خلاف في المذهب، وقصير خفيف لا يؤثر على المعروف منه، وخفيف طويل يستحب فيه الوضوء، وثقيل خفيف في تأثيره في النقض قولان، وقيل قولان جائزان في الثالث أيضا.