للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما النماء شرط الوجوب ويجوز دفعها إلى من يملك أقل من ذلك

ــ

[البناية]

عن الحاجة الأصلية، لأنه إذا كان غير فاضل عن حاجته الأصلية يجوز الدفع إليه، والحاجة الأصلية في حق الدراهم والدنانير أن يكون الدين مشغولا بها، وفي غيرها احتياجه إليه في الاستعمال وأحوال المعاش.

وعن هذا ذكر في " المبسوط ": لو كان له ألف درهم وعليه ألف درهم وله دار وخادم لغير الحاجة قيمته عشرة آلاف درهم فلا زكاة عليه، لأن الدين مصروف إلى المال الذي في يده، وأما الدار والخادم فمشغولان بالحاجة الأصلية فلا يصرف الدين إليه، وعلى هذا قال مشايخنا: إن الفقيه إذا ملك من الكتب ما يساوي مالا عظيما ولكنه يحتاج إليها يحل له أخذ الصدقات إلا أن يملك فاضلا عن حاجته ما يساوي مائتي درهم. وذكر المرغيناني: من كانت عنده كتب فقه أو حديث أو أدب يحتاج إلى دراستها يجوز دفع الزكاة إليه وكذا المصاحف.

وفي " جوامع الفقه ": الزائد على مصحف والكتب التي لا يحتاج إليها إذا بلغت قيمتها مائتي درهم يمنع جواز الدفع إلى مالكها، وعن الحسن البصري - رَحِمَهُ اللَّهُ - تعطى الزكاة لمن له عشرة آلاف درهم من الفرس والسلاح والأثاث والثياب والخادم والدار، كذا في " الإيضاح ".

م: (وإنما النماء شرط الوجوب) ش: يعني الشرط في عدم جواز الدفع ملك النصاب الفاضل عن الحاجة الأصلية ناميا كان أو غير نام، والنماء شرط وجوب الزكاة، لا كلام فيه، فلا يشترط لحرمان الصدقة، لأن الحرمان بالغناء وهو يحصل بالنامي وغير النامي، ولهذا تجب عليه صدقة الفطر والأضحية م: (ويجوز دفعها) ش: أي دفع الزكاة، م: (إلى من يملك أقل من ذلك) ش: أي من النصاب. وقال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يجوز دفعها إلى من ملك خمسين درهما لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من سأل الناس وعنده ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خدوش) قالوا: وما يغنيه يا رسول الله؟ قال: "خمسون درهما أو قيمتها من الذهب» . ذكر الكاكي هذا الحديث ولم يبين من أخرجه ولا أجاب عنه.

قلت: هذا الحديث أخرجه الترمذي عن عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قوله: خدوش، وفي رواية الترمذي خموش أو كدوح، الخموش هي الخموش وهو جمع خدش وهو قشر الجلد، والكدوح جمع كدح وهو كل أثر من خدش أو عض، وبهذا الحديث استدل الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق أن من كان عنده خمسون درهما لم تحل له الصدقة، وخالفهم في ذلك أبو حنيفة ومالك والشافعي فلم يرو الحديث المذكور حجة لضعفه، وهو إن حسنه الترمذي فقد ضعفه ابن معين والنسائي والدارقطني وغيرهم، لأن في إسناده حكيم بن جبير. قال الترمذي: وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير من أجل هذا الحديث، وقال شيخنا زين الدين - رَحِمَهُ اللَّهُ - في "شرحه": وسئل شعبة عن حكيم بن جبير؟ فقال: أخاف النار، وقد كان

<<  <  ج: ص:  >  >>