وإن كان صحيحا مكتسبا، لأنه فقير، والفقراء هم المصارف، ولأن حقيقة الحاجة لا يوقف عليها فأدير الحكم على دليلها وهو فقد النصاب.
ويكره أن يدفع إلى واحد مائتي درهم فصاعدا، وإن دفع جاز. وقال زفر لا يجوز، لأن الغنى قارن الأداء فحصل الأداء إلى الغني. ولنا أن للغناء حكم الأداء فيتعقبه
ــ
[البناية]
يروى عنه قديما، وقد ضعفه جماعة.
م:(وإن كان صحيحا مكتسبا لأنه فقير، والفقراء هم المصارف) ش: هذا واصل بما قبله أي وإن كان هذا الذي يملك أقل من النصاب صحيحا غير زمن ولا أعمى قادرا على الاكتساب، واحترز به عن قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فإن عنده لا يجوز الدفع حقيقة الفقر والغنى لا يعلمها إلا الله -عز وجل- إذ رب شخص عليه آثار الفقر وهو أغنى القوم، ورب شخص عليه آثار الغنى وهو أفقر القوم في نفس الأمر لا يملك شيئا.
م:(فأدير الحكم على دليلها) ش: أي على دليل الحاجة م: (وهو) أي دليل الحاجة م: (فقد النصاب) ش: أي عدم النصاب وهو دليل ظاهر، فيقام مقام حقيقة الحاجة كما في الإخبار عن المحبة فيما إذا قال: إن كنت تحبيني فأنت طالق، فقالت: أحبك، وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يجوز دفعها إلى الفقير الكسوب، وقد ذكرناه. وقال النووي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " شرح المهذب ": القوي من أهل البيوعات لم تجر عادته بالتكسب بالبدن له أخذ الزكاة، ولو اشتغل بالعلم وترك التكسب، ويرجى له النفع حلت له الزكاة.
م:(ويكره أن يدفع إلى واحد مائتي درهم فصاعدا) ش: قال في " المبسوط ": الكراهة فيما إذا لم يكن عليه دين أو لم يكن صاحب عيال، أما إذا كان مديونا يجوز له أن يعطى قدر دينه وزيادة على دينه دون المائتين، وكذا إذا كان صاحب عيال يحتاج إلى نفقتهم وكسوتهم. قوله: فصاعدا، نصابا م:(وإن دفع جاز) ش: أي وإن دفع أكثر من مائتي درهم جاز.
م:(وقال زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يجوز الغنى قارن الأداء) ش: لأنه كما يحصل الأداء يحصل الغنى، إذ الحكم يقارن العلة م:(فحصل الأداء إلى الغنى) ش: وبه قال الحسن بن زياد.
م:(ولنا أن للغنى حكم الأداء) ش: يعني يحصل الغنى بعد الأداء حكما له فلا يكون الغنى اللاحق له مانعا من جواز الأداء، لأن المانع يكون سابقا لا لاحقا، وهو معنى قوله: م: (فيتعقبه) ش: أي فيتعقب الأداء، قيل فيه نظر، لأن حكم العلة مقارن فلا يتأخر عنها كما في العلة الحقيقية، فإن الاستطاعة مع الفعل. عند أهل السنة فكيف يصح قوله: فيتعقبه.
وأجيب بأن الكل وإن قارب التمليك، لكن الغنى يثبت بحقيقة الأداء، لأن الغنى يقع ثم يقع الاستغناء به، والاستغناء إنما يثبت بالتمكن والاقتدار على التصرفات وذلك بما يقتضيه ولا