للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - خمسة أرطال وثلث رطل، وهو قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صاعنا أصغر الصيعان»

ــ

[البناية]

قال النووي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: والأول أصح. وقول أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هو قول جماع من أهل العراق وقول إبراهيم النخعي، وهو قول زفر أيضا فيما قاله أبو بكر الخصاف م: (وقال أبو يوسف: خمسة أرطال وثلث رطل) ش: أي الصاع خمسة أرطال وثلث رطل م: (وهو قول الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) ش:.

وقول مالك وأحمد أيضا م: (لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «صاعنا أصغر الصيعان» ش: أي لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صاعنا أصغر الصيعان» وهذا غريب.

وروى ابن حبان في "صحيحه " عن ابن خزيمة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قيل له: يا رسول الله صاعنا أصغر الصيعان ومدنا أكثر الأمداد، فقال: "اللهم بارك لنا في صاعنا وبارك لنا في قليلنا وكثيرنا واجعل لنا مع البركة بركتين» ، انتهى.

قال ابن حبان: وفي ترك المصطفى الإنكار عليهم، حيث قالوا: صاعنا أصغر الصيعان، بيان واضح أن صاع المدينة أصغر الصيعان، ولم يجر بين أهل العلم إلى يومنا هذا خلاف في هذا الصاع، إلا ما قاله الحجازيون والعراقيون، فزعم الحجازيون أن الصاع خمسة أرطال وثلث، وزعم العراقيون أنه ثمانية أرطال من غير دليل ثبت على صحته.

فإن قلت: روى الدارقطني - رَحِمَهُ اللَّهُ - في "سننه" عن عمران بن موسى الطائي حدثنا إسماعيل بن سعد الخراساني حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال: قلت لمالك بن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يا أبا عبد الله كم وزن صاع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال خمسة أرطال وثلث بالعراقي أنا حزرته.

قلت: يا أبا عبد الله خالف شيخ القوم، فقال: من هو؟ قلت: أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - يقول ثمانية أرطال، قال: فغضب غضبا شديدا، وقال: قاتله الله ما أجرأه على الله، ثم قال لبعض جلسائه: يا فلان هات صاع جدك، يا فلان هات صاع عمك، يا فلان هات صاع جدتك، فاجتمعت أصوع، فقال مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ما تحفظون في هذا؟ فقال بعضهم: حدثني أبي عن أبيه أنه كان يؤدي هذا الصاع إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقال الآخر: حدثني أبي عن أخيه أنه كان يؤدي بهذا الصاع إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنا حزرت هذه فوجدتها خمسة أرطال وثلث.

قلت: يا أبا عبد الله أحدثك بأعجب من هذا أنه يزعم أن صدقة الفطر نصف صاع والصاع ثمانية أرطال، فقال: هذا أعجب من الأول، بل صاع تمام عن كل إنسان، هكذا أدركنا علماءنا

<<  <  ج: ص:  >  >>