ولنا ما روي «أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتوضأ بالمد رطلين يغتسل بالصاع ثمانية أرطال»
ــ
[البناية]
ببلدنا هذا.
قلت: هذا صاحب " التنقيح ": إسناده مظلم، وبعض رجاله غير مشهورين، المشهور ما أخرجه البيهقي عن الحسين بن الوليد القرشي وهو ثقة قال: قدم علينا أبو يوسف من الحج، فقال: إني أريد أن أفتح عليكم بابا من العلم بشيء تفحصت عنه، فقدمت المدينة فسألت عن الصاع، فقالوا: صاعنا هذا صاع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فنظرت فإذا هي سواء، فقال فعيرته فإذا هو خمسة أرطال وثلث ينقصان يسير، فرأيت أمرا قويا فتركت قول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - في الصاع وأخذت بقول أهل المدينة، هذا هو المشهور من قول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقال الاترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وجه قول أبي يوسف قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صاعنا أصغر الصيعان» .
قلت: قد علمت بما ذكرناه الآن أن هذا ليس لفظ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكيف ينسبه الأترازي إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع دعواه أن له يدا في الحديث، وكذلك الكاكي والأكمل وآخرون على هذا المنوال.
م: (ولنا ما روي «أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتوضأ بالمد رطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال» ش: هذا إنما قال: ولنا، ولم يقل: ولهما، لأنه صرح بذكر الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - هنا أنه مع أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - فلذلك قال: ولنا، وهذا الحديث أخرجه الدارقطني - رَحِمَهُ اللَّهُ - في "سننه" عن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في ثلاث طرق منها «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتوضأ بمد رطلين ويغتسل بصاع ثمانية أرطال» . وضعف البيهقي - رَحِمَهُ اللَّهُ - هذه الطرق كلها، والذي صح وثبت عن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ليس فيه الوزن، وما روي في " الصحيحين " فيه قال: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع» واستدل الطحاوي لأبي حنيفة ومحمد - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - بما رواه عن ابن عمران بإسناده إلى مجاهد، قال:«دخلنا على عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فاستسقى بعضنا بعضا فقالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يغتسل بمثل هذا، فقال مجاهد: فحزرته ثمانية أرطال، تسعة أرطال عشرة أرطال» فلم يشك مجاهد في الثمانية وإنما شك فيما فوقها، وذكر الطحاوي أيضا بإسناده إلى إبراهيم عن علقمة عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت:«كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يغتسل بالصاع» . وروى أيضا عن ربيع المؤذن بإسناده إلى جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال:«كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتوضأ بما يسع رطلين، ويغتسل بالصاع» ثم قال: وجه الاستدلال بهذا حديث الآثار على أن الصاع ثمانية أرطال، أن نقول: قد ثبت أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يغتسل بالصاع لكن كان مقداره غير معلوم، فعلم ذلك من حديث مجاهد عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - حيث قدره بثمانية أرطال، ولأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتوضأ بالمد فعلم