والكفارة وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا كفارة عليه لأنها شرعت في الوقاع بخلاف القياس لارتفاع الذنب بالتوبة، فلا يقاس عليه غيره. ولنا أن الكفارة تعلقت بجناية الإفطار في رمضان على وجه الكمال لا بنفس الوقاع
ــ
[البناية]
القضاء، واستدل بحديث الأعرابي، فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين حكم الكفارة، ولم يبين حكم القضاء. قلنا: إنه وجب عليه الصوم بشهود الشهر، وقد انعدم الأداء عنه فيلزمه القضاء، وإنما بين للأعرابي ما كان مشكلاً.
م:(والكفارة) ش: أي مع القضاء هو قول جمهور العلماء منهم الشعبي والزهري والثوري والحسن البصري وعطاء ومالك وإسحاق وأبو ثور ومحمد بن جرير الطبري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وكان سعيد بن جبير يقول: لا كفارة على المفطر في رمضان، أي مفطر كان، لأن في آخر حديث الأعرابي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«كلها أنت وعيالك» فانتسخ بهذا حكم الكفارة، ولنا ما يأتي عن قريب.
وقال سعيد بن المسيب: عليه صوم شهر، وقال عطاء: عليه تحرير رقبة، فإن لم يجد فبدنة أو بقرة أو عشرون صاعاً من طعام على أربعين مسكيناً، وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن: عليه أن يصوم اثني عشر يوماً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا}[التوبة: ٣٦][التوبة: ٣٦] ، وعند إبراهيم النخعي عليه أن يصوم ثلاثة آلاف يوم، رواه عنه حماد بن أبي سليمان وقال أبو عمر بن عبد البر، هذا لا وجه له إلا أن يكون كلامه قد خرج على وجه التغليظ والغضب، وعن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عليه عتق رقبة أو صوم شهر أو إطعام ثلاثين مسكيناً، وعن ابن سيرين يقضي يوماً، وهو رواية عن الشعبي ومذهب ابن جبير، ورواه القاضي بكار عن النخعي، وعن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يقضي يوماً ويطعم مسكيناً واحداً.
وعن الحسن البصري أنه سئل عن رجل أفطر أربعة أيام يأكل ويشرب وينكح. قال: يعتق أربع رقاب، فإن لم يجد فأربعة من البدن فإن لم يجد فعشرون صاعاً من التمر لكل يوم، فإن لم يجد صام لكل يوم يومين، وروي مثله مرسلاً من طريق بن المسيب، وعن علي وابن مسعود رضي عنهما - أنهما قالا: لا يقضيه أبداً، وإن صام الدهر كله، ورفعه أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قال أبو عمر: وهو ضعيف.
م:(وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا كفارة عليه) ش: ولكن يعزره السلطان ويجب عليه إمساك بقية يومه، وبه قال أحمد وداود م:(لأنها) ش: أي لأن الكفارة م: (شرعت في الوقاع) ش: أي الجماع بخلاف القياس لارتفاع الذنب بالتوبة فلا يقاس عليه غيره) ش: بيانه أن الأعرابي جاء إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تائباً نادماً، والتوبة رافعة للذنب بالنص، ومع ذلك أوجب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الكفارة فعلم أنها تثبت على خلاف القياس، وما كان كذلك لا يقاس عليه غيره.