للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقضى وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يفطر. وهو يعتبر خوف الهلاك أو فوات العضو كما يعتبر في التيمم. ونحن نقول: إن زيادة المرض وامتداده قد يفضي إلى الهلاك فيجب الاحتراز عنه

وإن كان مسافرا لا يستضر بالصوم فصومه أفضل.

ــ

[البناية]

حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذا كان يجوز له الأداء قاعداً يجوز له الإفطار.

م: (وقضى) ش: لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] [البقرة: ١٨٤] .

وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يفطر) ش: يعني عند خوف ازدياد المرض م: (وهو) ش: أي الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (يعتبر خوف الهلاك أو فوات العضو) ش: أي يخاف فوات عضو من أعضائه م: (كما يعتبر في التيمم) ش: يعني لا يجوز عنده ترك استعمال الماء للمريض إلا إذا خاف على نفسه أو عضو منه، فحينئذ يجوز له التيمم وعندنا يجوز له التيمم بمجرد زيادة المرض.

م: (ونحن نقول: إن زيادة المرض وامتداده قد يفضي إلى الهلاك فيجب الاحتراز عنه) ش: أي عن الإفضاء إلى الهلاك، فلو برئ من المرض لكن الضعف باق هل يفطر فسئل القاضي الإمام فقال لا، والمبيح المرض لا الضعف، فلو خاف أن يعود المرض لو صام، قال الخوف ليس بشيء وذكر الإمام التمرتاشي الأمة إذا ضعفت في الطبخ والخبز والغسل فخافت أفطرت وقضت، وفي النصاب وكذا الذي ذهب به موكل السلطان للعمارة فاشتد الحر وضعف فأكل لم يكفر، ولو خاف إن صام يضعف فيصلي قاعداً عن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - يصوم ويصلي قاعداً.

وعن نجم الأئمة البخاري من اشتد مرضه كره صومه ولو خاف نقصان العقل أو زيادة الوجع يفطر، ولو أتعب نفسه في عمل حتى أجهده العطش فأفطر كفر، لأنه ليس بمريض ولا مسافر، وقيل بخلافه وبه قال البقالي، وقال مالك في " الموطأ ": من أجهده الصوم أفطر وقضى ولا كفارة عليه، ولو علم الغازي يقيناً أنه يقاتل العدو وخاف الضعف يفطر قبل الحرب.

م: (وإن كان مسافرا لا يستضر بالصوم فصومه أفضل) ش: وبه قال مالك والشافعي رحمهما الله على ما ذكر في كتبهم. وقال النووي: هو المذهب ولكن نقلت هذه المسألة من كتب أصحابنا على خلاف ما وقعت في كتبهم فإن الغزالي ذكر أن الصوم أحب من الإفطار في السفر لتبرأ ذمته وهو مذهب أنس وعثمان بن أبي العاص الثقفي، وحذيفة وابن عباس وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وبه قال عروة بن الزبير وعمرو بن ميمون وأبو بكر بن عبد الرحمن وطاووس والفضيل بن عياض وابن المبارك وأبو ثور، وأبو وائل والأسود بن يزيد والثوري والنخعي ومجاهد، وعن ابن عمر وابن المسيب والشعبي والأوزاعي وإسحاق: الفطر أفضل في حقه، وعند أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - الصوم في السفر مكروه.

<<  <  ج: ص:  >  >>