وإن أفطر جاز؛ لأن السفر لا يعرى عن المشقة فجعل نفسه، عذرا، بخلاف المرض فإنه قد يخف بالصوم، فشرط كونه مفضيا إلى الحرج، وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: "الفطر أفضل"، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ليس من البر الصيام في السفر» ولنا أن رمضان أفضل الوقتين، فكان الأداء فيه أولى، وما رواه محمول على حالة الجهد
ــ
[البناية]
وذكر في " المغني " عن عمر وأبي هريرة لا يصح الصوم في السفر وعن عبد الرحمن بن عوف الصوم في السفر كالفطر فيه سواء ذكره المنذري في " شرح مختصر سنن أبي داود " وقال أبو عمر بن عبد البر: هو قول ابن علية والشافعي في قول وعنه قال الصوم أحب إلي.
م:(وإن أفطر) ش: أي المسافر م: (جاز) ش: للنص الوارد فيه م: (لأن السفر لا يعرى عن المشقة) ش: لأنه مظنة المشقة بكل حال فأدير الحكم فيه على أصل السفر م: (فجعل نفسه) ش: أي نفس السفر م: (عذرا بخلاف المرض فإنه قد يخف بالصوم) ش: كالهيضة ونحوها م: (فشرط كونه) ش: أي المرض م: (مفضيا إلى الحرج) ش: ولهذا لا يجوز الإفطار بمجرد المرض كما ذكرنا.
م: (وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: "الفطر أفضل) ش: أي من الصوم م: (لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ش: أي لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م:«ليس من البر الصيام في السفر» ش: هذا الحديث رواه البخاري ومسلم من حديث جابر قال: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سفر فرأى زحاماً ورجل قد ظلل عليه فقال: " ما هذا؟ " قالوا صائم فقال: " ليس من البر الصوم في السفر» .
وزاد مسلم في لفظ:«وعليكم برخصة الله التي رخص لكم» ، وروي «ليس من امبر امصيام في امسفر» وهي لغة بعض العرب، رواه عبد الرزاق في " مصنفه " وقد ذكرنا أن هذا القول من الشافعي لم يصح ولا حكي عنه، ولكن مذهب أحمد هكذا نقله عنه ابن الجوزي واستدل له بهذا الحديث.
م:(ولنا أن رمضان أفضل الوقتين) ش: أراد بهما خارج رمضان وفي " مبسوط فخر الإسلام " لا شك أن رمضان أفضل الوقتين، ألا ترى أن عدة من أيام أخر كالخلف من رمضان، والخلف لا يساوي الأصل بحال والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اختار لنفسه الصوم ثم ذكر الرخصة عند شكواهم الجهد كما روينا من حديث أبي هريرة، فدل أن الصوم أفضل وهو معنى قوله: م: (فكان الأداء فيه) ش: أي في رمضان أولى وفي " المبسوط " الصوم عزيمة والفطر رخصة والأخذ بالعزيمة م: (أولى، وما رواه) ش: هذا جواب عن الحديث المذكور وهو ما رواه الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: (محمول على حالة الجهد) ش: بفتح الجيم أي المشقة ونحن نقول به ولهذا يكره الصوم في السفر لمن أجهده بالإجماع.