فلا ينتفي بالعلم كوطء الأب جارية ابنه، ولو احتجم وظن أن ذلك يفطره ثم أكل متعمدا، عليه القضاء والكفارة؛ لأن الظن ما استند إلى دليل شرعي إلا إذا أفتاه فقيه بالفساد؛ لأن الفتوى دليل شرعي في حقه، ولو بلغه الحديث فاعتمده، فكذلك عند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -
ــ
[البناية]
بالأكل ناسياً، وهو اختيار محمد بن مقاتل الرازي من أصحابنا، واختلاف العلماء يورث الشبهة.
وقال المحبوبي: لا تلزمه الكفارة وإن كان عالماً لأن الشبهة تمكنت في المحل باعتبار انعدام ركن الصوم حقيقة، وفي مثل هذه الشبهة العالم يساوي الجاهل كالأب إذا وطئ جارية ابنه لا يلزمه الحد سواء علم حرمتها أو ظن أنها تحل له وهو معنى قوله:
م:(فلا ينتفي بالعلم كوطء الأب جارية ابنه) ش: يجوز فيما لا ينتفي التذكير باعتبار عود الضمير الذي فيه إلى القياس، ويجوز التأنيث باعتبار عوده إلى الشبهة والتحقيق في سقوط الحد عن الأب في الصورة المذكورة أن قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أنت ومالك لأبيك» يقتضي أن يكون مال الابن ملكاً للأب، لكن انتفى ذلك بدليل آخر فبقيت الإضافة مورثة للشبهة وهي شبهة المحل، فاستوى فيها العلم وعدمه فلم يجب الحد لاستناد الشبهة إلى الأصل.
م:(ولو احتجم وظن أن ذلك) ش: أي الاحتجام م: (يفطره ثم أكل متعمدا) ش: أي قصداً م: (عليه القضاء والكفارة لأن الظن ما استند إلى دليل شرعي) ش: أي لأن ظن المحتجم ما استند إلى دليل شرعي حتى تسقط عنه الكفارة، فإن الحجامة كالفصد في خروج الدم من العرق والفصد لا يفسد وكذا الحجامة وقد صح في البخاري أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم فدل هذا على أن الحجامة لا تفطر الصائم.
م:(إلا إذا أفتاه فقيه بالفساد) ش: استثناء من قوله والكفارة يعني لا تجب الكفارة على المحتجم إذا أكل بعدما أفتاه فقيه بفساد صومه بالحجامة. وقال الكاكي: فقيه من الحنابلة لأن عندهم يفطر الحاجم والمحجوم لظاهر قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أفطر الحاجم والمحجوم» .
وقال المحبوبي: يشترط أن يكون المفتي ممن تؤخذ عنه الفتوى ويعتمد على فتواه في البلدة، ولا يعتبر بغيره، هكذا روى الحسن عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وابن رستم عن محمد وبشر بن الوليد عن أبي يوسف - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -.
م:(لأن الفتوى دليل شرعي في حقه) ش: لأن العامي يلزمه الرجوع إلى فتوى الفقيه وقد أفتاه بما اختلف الفقهاء فيه فصار ذلك عذراً في الشبهة م: (ولو بلغه الحديث) ش: وهو قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفطر الحاجم والمحجوم» م: (فاعتمده) ش: أي الحديث م: (فكذلك عند محمد) ش: أي لا تجب الكفارة م: (لأن قول الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ش: [بيان] م: (لا ينزل عن قول المفتي) ش: بيان هذا أن قول