لأن قول الرسول- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لا ينزل عن قول المفتي، وعن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - خلاف ذلك لأن على العامي الاقتداء بالفقهاء لعدم الاهتداء في حقه إلى معرفة الأحاديث.
وإن عرف تأويله تجب الكفارة؛ لانتفاء الشبهة، وقول الأوزاعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يورث الشبهة، لمخالفته القياس
ــ
[البناية]
المفتي بالفطر بالحجامة يكون عذراً في سقوط الكفارة، فقول الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي هو فرق كل قول أولى بأن يكون عذراً في عدم وجوب الكفارة.
م:(وعن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - خلاف ذلك) ش: أي خلاف المذكور عن محمد، وهو ما روى ابن سماعة وبشر عن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذا أفطر المحتجم. الحديث عليه القضاء والكفارة م:(لأن على العامي الاقتداء بالفقهاء لعدم الاهتداء في حقه إلى معرفة الأحاديث) ش: يعني العامي إذا سمع حديثاً ليس له أن يأخذ بظاهره، لأنه لا يهتدي إلى معرفة أحواله، لأنه قد يكون منسوخاً أو متروكاً أو مصروفاً عن ظاهره.
م:(وإن عرف تأويله) ش: أي تأويل الحديث م: (تجب الكفارة لانتفاء الشبة) ش: حاصل المعنى أن العامي إذا بلغه الحديث وهو قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفطر الحاجم والمحجوم» وعرف تأويله ولم يعتمده فأكل بعد ذلك عمداً تجب الكفارة لعدم الشبهة، وتأويله بما ذكر الطحاوي في " شرح الآثار " بإسناده إلى أبي الأشعث الصنعاني، قال: إنما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفطر الحاجم والمحجوم» لأنهما كانا يغتابان حتى حبط أجرهما بالغيبة فصارا كالمفطرين لا أنهما أفطرا حقيقة، والمحجوم هو معقل بن سنان، قيل: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مر به وجماعة معه وهما يغتابان آخر، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفطر الحاجم والمحجوم»[أي فطره بما صنع به فوقع عند الراوي أنه قال: أفطر الحاجم المحجوم] بغير الواو على أن المحجوم مفعول فاعتمده، وهذه رواية، والرواية المشهورة بالواو على أن المحجوم عطف على الحاجم.
م:(وقول الأوزاعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يورث الشبهة، لمخالفته القياس) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر بأن يقال: لا نسلم أن منشأ الشبهة ذلك وحده، بل قول الأوزاعي بذلك منشأ لها أيضاً، وقوله: إن الحجامة تفطر الصائم، وبه قال أحمد أيضاً، فأجاب بأن قول الأوزاعي لا يورث الشبهة في سقوط الكفارة لمخالفته القياس، فإن الفطر مما يدخل لا مما يخرج، لا يقال في عبارته تناقض، لأنه قال: إلا إذا أفتاه فقيه، وفتواه لا يكون إلا بقوله ثم قال، وقال الأوزاعي: لا يورث الشبهة، [وأيضاً في هذا الباب لا يكون إلا مخالفاً للقياس، فكيف تكون شبهة] من غير الأوزاعي دونه، لأنا نقول ذلك بالنسبة إلى العامي، وهذا بالنسبة إلى من عرف التأويل.
واسم الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - من الأوزاع وهم بطن من همدان، وقال الواقدي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كان يسكن بيروت وأهله باليمامة ومات ببيروت سنة