للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العراق ذات عرق

ــ

[البناية]

م: (ولأهل العراق ذات عرق) ش: بكسر العين، والكلام فيه كالكلام في ذي الحليفة لأهل المدينة، وهذا هو الثاني من المواقيت، وهو ما بين المشرق والشمال من مكة، قال الكرماني - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هي ميقات جميع أهل المشرق، بينها وبين مكة اثنان وأربعون ميلاً وقال غيره بينهما مرحلتان، وقال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الأصل في حقهم، أي في حق أهل المشرق الإحرام من العقيق اسم لذات عرق، وهو سهو منه، وبينهما مرحلة، وعن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لما فتح هذان المصران أتوا عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فقالوا: يا أمير المؤمنين إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حد لأهل نجد قرناً، فإنه جوز عن طريقنا، وإن أردنا أن نأتي قرناً شق علينا، قال: فانظروا حذوها من طريقكم، قال: فحد لهم ذات عرق، رواه البخاري.

وقال الشيخ تقي الدين في " الإمام ": المصران البصرة، والكوفة، وغيرهما ما يقرب منهما، قال: وهذا الحديث يدل على أن ذات عرق مجتهد فيها لا منصوصة.

قلت: أنكر ذلك عليه، وقد أخرج مسلم في " صحيحه ": من حديث أبي الزبير عن جابر قال: سمعت أحسبه رفع الحديث إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «مهل أهل المدينة من ذي الحليفة، والطريق الآخر الجحفة، ومهل أهل العراق من ذات عرق، ومهل أهل نجد من قرن، ومهل أهل اليمن من يلملم» .

فإن قلت: شك الراوي في رفعه.

قلت: أخرجه ابن ماجه من حديث أبي الزبير عن جابر قال: «خطبنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: " مهل أهل الشرق من ذات عرق " ثم أقبل بوجهه إلى الأفق فقال: " اللهم أقبل بقلوبهم» وهذه الرواية ليس فيها شك من الراوي.

فإن قلت: في سنده إبراهيم بن يزيد الخوزي لا يحتج به.

قلت: روى أبو داود في " سننه " عن أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقت لأهل العراق ذات عرق،» ورواه النسائي أيضاً.

فإن قلت: كان أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ينكر هذا الحديث عن أفلح بن حميد، قاله ابن عدي.

قلت: روى عبد الرزاق - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن مالك عن نافع عن ابن عمر «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقت لأهل العراق ذات عرق» .

فإن قلت: كان الدارقطني يقول: عبد الرزاق لم يتابع على ذلك، ورواه أصحاب مالك عنه ولم يذكروا فيه ميقات أهل العراق.

<<  <  ج: ص:  >  >>