للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن

ــ

[البناية]

قلت: روى البزار في " مسنده " عن مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: «وقت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأهل المشرق ذات عرق،» ورواه الشافعي، أخبرنا سعيد بن سالم أخبرني ابن جريج أخبرني عطاء «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقت لأهل المشرق ذات عرق،» رواه الشافعي، فذكره مرسلاً بتمامه، فلم يتوجه الإنكار على الشيخ تقي الدين فيما قاله؛ لأن الصواب معه.

وقال الأترازي: فإن قلت: كيف وقت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذات عرق لأهل العراق، ولم يفتح العراق إلا بعد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ ثم أجاب بأنه مثلما وقت لأهل الشام الجحفة ولم تفتح الشام إلا بعده - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وقد كان يعلم بطريق الوحي أن العراق ستكون دار الإسلام، كان يعلم أن الشام كذلك.

م: (ولأهل الشام الجحفة) ش: الكلام فيه مثل الكلام على ما قبله، وهذا هو الثالث من المواقيت، وهي ميقات أهل مصر، والمغرب، والشام، من طريق تبوك، وهي قرية بين الغرب، والشمال من مكة بينها، وبين مكة اثنان وثمانون ميلاً، وقال النووي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: بينهما ثلاث مراحل، أو أكثر، أو أقل. وقيل: أربع مراحل، وقال الغزالي في بسطه: خمسون فرسخاً.

وقال في " المشارق ": بينها وبين البحر ستة أميال، وبينها وبين المدينة ثمان مراحل، ويقال لها: مهيعة بكسر الهاء على وزن معيشة، وضبطت في رواية أبي ذر بإسكان الهاء، وفتح الياء على وزن مفعلة، والأول الصحيح، وإنما سميت الجحفة لأن العماليق أخرجوا إخوة عاد من يثرب فنزلوا مهيعة، فجاء السيل فأجحفهم، أي استأصلهم من قولهم: أجحف بهم الذئب إذا استأصلهم، وقد ذكرت في شرح " الكنز "، أن الجحفة موضع بالقرب من رابغ وهو رسم خال لا يسكن به والعوام يقولون: جحفة هي الرابغ، وليس كذلك، بل هي مثل ما ذكرنا.

م: (ولأهل نجد قرن) ش: هذا هو الرابع من المواقيت، وهو بفتح القاف، وسكون الراء بلا خلاف، ويقال له: قرن المنازل، وقرن الثعالب، وقال الجوهري: القرن بفتح الراء موضع، وهو ميقات أهل نجد، ومنه أويس القرني، قال السروجي: هو مأخوذ عليه من مكانين فيه وفي تحريك الراء، ونسبة أويس إلى قرن بطن مراد، وغلط القاضي وغيره.

وفي " الإكمال "، قيل: هو بالسكون اسم الجبل الشرق على الموضع، وبالفتح مفترق الطرق. ونجد بفتح النون، قال صاحب " المطالع ": هي من عمل اليمامة، وفي " مناسك الطبري ": قرن ميقات نجد اليمن، ونجد الحجاز، ونجد تهامة، ونجد الطائف، وقرن شرقي مكة، بينهما اثنان وأربعون ميلاً، وكانت فيه وقعة الطعان على بني عامر، يقال له: يوم قرن. وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>