ولأن في التغليس دفع حاجة الوقوف فيجوز كتقديم العصر بعرفة. ثم وقف - أي ووقف معه الناس، فدعا لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقف في هذا الموضع يدعو حتى روي في حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فاستجيب له دعاؤه لأمته حتى الدماء والمظالم
ــ
[البناية]
والمدلول قوله - وإذا طلع الفجر يصلي الإمام بالناس الفجر بغلس.
م:(ولأن في التغليس دفع حاجة الوقوف فيجوز) ش: أي التغليس م: (كتقديم العصر بعرفة) ش: أي كما يجوز تقديم العصر بعرفة قبل وقتها لدفع حاجة الوقوف بها، واعترض عليه أن هذا الدليل العقلي لا يطابق المدلول، بيانه أن تقريره في التغليس دفع حاجة الوقوف، ودفع الحاجة يجوز التقديم للعصر بعرفة، وتقديم العصر كان على وقته، فيكون ها هنا تصحيحاً للتشبيه، وهو خلال المطلوب، وأجيب بأن معناه لما جاز تعجيل العصر على وقتها للحاجة إلى الوقوف بعدها، فلا يجوز التغليس بالفجر وهو في وقتها أولى.
م:(ثم وقف) ش: أي ثم وقف الإمام بعد أن غلس بصلاة الفجر م: (أي ووقف معه الناس، فدعا) ش: بما شاء من الأدعية ويرفع يديه ويستقبل بهما وجهه سبطاً. وفي النوازل ويدعو بالمزدلفة نحو ما دعا بعرفة «اللهم حرم لحمي وشعري ودمي وعظمي وجميع جوارحي من النار يا أرحم الراحمين» .
م:(لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقف في هذا الموضع يدعو حتى روي في حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فاستجيب له دعاؤه لأمته حتى الدماء والمظالم) ش: فيه حديثان، أحدهما قوله لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقف في هذا الموضع، وأشار به إلى المشعر الحرام الذي هو الجبل الذي يقال له قزح، ويدعو لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ}[البقرة: ١٩٨](البقرة: الآية ١٩٨) ، وهذا في حديث جابر الطويل - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حيث قال:«ثم ركب أي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً، فدفع قبل أن تطلع الشمس» .
الحديث الثاني: هو حديث عباس بن مرداس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وليس هو حديث ابن عباس الذي هو عبد الله وقول المصنف في حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهم، ولم ينبه على هذا أحد من الشراح، واعتذر بعضهم بأن المصنف إنما أراد بابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كنانة بن عباس بن مرداس وهذا خطأ من وجهين: أحدهما: أن ابن عباس إذا أطلق لا يراد به إلا عبد الله بن عباس، فلو أراد كنانة لقيده.
والثاني: أن المصنف ليس من عادته أن يذكر الشافعي دون الصحابي عند ذكر الحديث، فلا يليق به ذلك.