للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم هذا الوقوف واجب عندنا، وليس بركن حتى لو تركه بغير عذر يلزمه الدم. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنه ركن

ــ

[البناية]

وأما حديث ابن عباس بن مرداس فقد ذكرناه عند قوله وأما الاجتهاد فلأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اجتهد في الدعاء في هذا الموقف لأمته فاستجيب له، إلا في الدماء والمظالم، وها هنا استجيب له دعاؤه لأمته، حتى الدماء والمظالم بالرفع فيهما، والمظالم جمع مظلمة، وهو الظلم أو اسم مأخوذ ظلماً يعني حتى استجيب له دعاؤه في الدماء والمظالم، والأصل أن تبقى حقوق العباد لكن قالوا إن الله تعالى يرضي الخصوم بالأزدياد في بيوتهم حتى تركوا خصوماتهم في الدنيا والمظالم واستوجبوا المغفرة.

فإن قلت: هذا خاص بالذي يحج أول عام أو لا.

قلت: لا بل هو عام لجميع أمته ولا قرينة للتخصيص، ثم الكلام في إعراب حتى الدماء والمظالم، فقد ذكرنا أنه بالرفع فيهما لأن حتى للعطف كما في قولهم قدم الحاج حتى المشاة، ويجوز الجر فيهما على أن تكون حتى جارة كما في قولك أكلت السمكة حتى رأسها، وها هنا قيل حتى ظهرها قبلها، لأن الرأس داخل في أكله السمكة، وتقدير الكلام استجيب له دعاؤه ولأمته في ذنوبهم حتى الدماء والمظالم.

فإن قلت: الشرط في الرفع أن يكون ما بعدها مجازاً لما قبلها، وفيه الدعاء والمظالم ليس من عين الدعاء.

قلت: لا بد من التأويل، وهو أن قال إن معناه استجيب له كل ذنب لأمته حتى استجيب له في الدماء والمظالم.

م: (ثم هذا الوقوف) ش: أي الوقوف بالمزدلفة م: (واجب عندنا، وليس بركن، حتى لو تركه بغير عذر يلزمه الدم) ش: وإن تركه بعذر لازدحام أو تعجيل السير إلى منى فلا شيء عليه، قاله في " المحيط "، والمبيت بمزدلفة سنة وبه قال مجاهد وعطاء وقتادة والزهري والثوري وإسحاق وأبو ثور.

م: (وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنه ركن) ش: أي أن الوقوف بالمزدلفة ركن، ونسبة هذا القول إلى الشافعي غير صحيحة، لأنه ذكر في " وجيزهم " أن الوقوف بالمزدلفة سنة، قال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إن صاحب " الهداية " وجد نقلاً صحيحاً عن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه ذكر. وقال الشافعي وقال الكاكي - رحمهما الله -: نسبته لهذا القول إلى الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقع سهواً من الكاتب لما أنه ذكر في كتبهم أنه سنة، وذكر في " المبسوط " الليث بن سعد مكان الشافعي، وفي " الأسرار " علقمة، وفي " فتاوى قاضي خان " - رَحِمَهُ اللَّهُ - مالكاً مكانه، وذكر في " المحيط " مالكاً والشعبي وعلقمة، ونسبة هذا أيضاً إلى مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سهو، لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>