ولأن في الإفراد زيادة التلبية، والسفر، والحلق. ولنا قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «يا آل محمد أهلوا بحجة، وعمرة معا»
ــ
[البناية]
قلت: الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لم يرض بهذا، وإنما استدل بما أخرجه البخاري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفرد الحج» وبما أخرجه البخاري ومسلم أيضاً عن نافع «عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: أهللنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالحج مفرداً» وبما أخرجه الترمذي عن عبد الله بن نافع الصايغ عن عبيد الله بن عمر العمري عن نافع «عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفرد بالحج وأفرد أبو بكر وعمر وعثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -» - وبما أخرجه مسلم عن أبي الزبير «عن جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: أقبلنا مهلين مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالحج» م: (ولأن في الإفراد زيادة التلبية، والسفر، والحلق) ش: لأن القارن يؤدي النسكين بسفر واحد ويلبي لهما بتلبية واحدة ويحلق مرة واحدة والمفرد يؤدي كل نسكه بصفة الكمال، فكان أفضل.
م:(ولنا قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) ش: أي ولنا قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م:«يا آل محمد أهلوا بحجة، وعمرة معا» ش: هذا الحديث أخرجه الطحاوي عن أم سلمة سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«يا آل محمد أهلوا بحجة وعمرة معاً» ، ولنا أحاديث غير هذا، ومنها ما أخرجه البخاري ومسلم عن عبد العزيز بن صهيب «عن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يلبي بالحج والعمرة يقول لبيك حجة وعمرة.»
فإن قلت: قال ابن الجوزي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: في " التحقيق " مجيباً عنه: إن أنسا حينئذ كان صبياً فلعله لم يفهم الحال.
قلت: رد عليه صاحب " التنقيح "، فقال: بل كان بالغاً بالإجماع، بل كان له نحو من عشرين سنة، لأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هاجر إلى المدينة ولأنس عشر سنين، ومات وله عشرون سنة، يدل على ذلك ما أخرجه واللفظ لمسلم «عن بكير عن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يلبي بالحج والعمرة جميعاً، قال بكير: فحدثت بذلك ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فقال لبى بالحج وحده، فلقيت أنساً فحدثته بقول ابن عمر فقال أنس ما يعدوننا إلا صبياناً، سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول لبيك عمرة وحجة» .
ومنها ما أخرجه البخاري «عن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول وهو بالعقيق " أتاني الليلة آت من ربي عز وجل، فقال صل في هذا الوادي المبارك، وقيل عمرة في حجة» ومنها ما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن داود بن عبد الرحمن عن عمرو بن دينار عن عكرمة «عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال اعتمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربع