للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن فيه جمعا بين العبادتين، فأشبه الصوم مع الاعتكاف والحراسة في سبيل الله مع صلاة الليل، والتلبية غير محصورة

ــ

[البناية]

عمر الحديبية وعمرة القضاء في ذي القعدة من قابل، والثالثة من الجعرانة، والرابعة مع حجته» .

وقال ابن حزم - رَحِمَهُ اللَّهُ -: روي القران عن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ستة عشر من الثقات، واتفقوا على أن لفظ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إهلالاً بحجة وعمرة معاً، وهم الحسن البصري - رَحِمَهُ اللَّهُ - وأبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي وحميد بن عبد الرحمن الطويل وقتادة ويحيى بن سعيد ويحيى بن إسحاق الأنصاري وثابت البناني وبكر بن عبد الله المزني وعبد العزيز بن صهيب وسليمان التيمي ويحيى بن إسحاق وزيد بن أسلم ومصعب بن أسلم وأبو أسماء وأبو قتادة وأبو قزعة، وهو سويد الباهلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

والجواب عن حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وحديث ابن عمر وحديث جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - هو أن الصحابة قد اختلفوا في أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أين أحرم فبعضهم قالوا من مسجد ذي الحليفة، وبعضهم قالوا من البيداء، فالذين سمعوا تلبيته بالعمرة في المسجد سمعوا تلبيته بالحج بعد أن استقرت راحلته على البيداء قالوا: إنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قرن الحج بالعمرة والذين لم يسمعوا تلبيته في المسجد لكونهم غائبين، وسمعوا تلبيته بالحج في البيداء.

قالوا: أفرد بالحج، والذين سمعوا في المسجد ولم يسمعوا تلبيته بالحج بالبيداء، ثم رده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد فراغه من العمرة ففعل به ما يفعله الحاج من الوقوف بعرفة، وغير ذلك قالوا إنه تمتع، وكل منهم شهد بما صح عنده، ثم لما صح هذا الاحتمال ثبت أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان قارناً، لأنا أنسا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شهد بالقران بعدما تحقق عنده، وحديث المفرد والمتمتع محتمل والعمل بالمتحقق أولى من المحتمل.

فإن قلت: قد صح عن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه كان ينهي عن القران، فلو كان أفضل لما نهى عنه.

قلت: «روى الطحاوي - رَحِمَهُ اللَّهُ - بإسناده إلى مروان بن الحكم، قال: كنا نسير مع عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فإذا رجل يلبي بالحج والعمرة، فقال عثمان: من هذا؟ فقالوا: علي فأتاه عثمان فقال ألم تعلم أني نهيت عن هذا، فقال بلى ولكن لم أكن أدع قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لقولك» فدل إنكار علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - على عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - على أن القران هو الأفضل.

م: (ولأن فيه) ش: أي في القران م: (جمعا بين العبادتين) ش: الحج والعمرة م: (فأشبه الصوم مع الاعتكاف والحراسة في سبيل الله مع صلاة الليل) ش: يعني يحمي الغزاة، ويصلي أيضاً. وجه الشبه في هذين الاثنين هو الجمع بين العبادتين م: (والتلبية غير محصورة) ش: هذا جواب عن قوله، ولأن في الإفراد زيادة التلبية، وتقديره أن المفرد كما يكون بالتلبية مرة أخرى فكذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>