قوله: مجهودين من جهد الرجل فهو مجهود إذا وجد مشقة.
قوله: عريش وهو كان ما يستظل به والمراد أن سقفه كان من الجريد والسعف.
وقوله: ثارت أي هاجت من ثار يثور ثورا وثورانا إذا مطمع:
قوله: أفضل ما يجد، وفي رواية الطحاوي أمثل ما يوجد. قوله: ومن دهنه يتناول سائر الأدهان نحو الزيت ودهن السمسم وغير ذلك، وكذلك الطيب يتناول سائر أنواع الطيب نحو المسك والعنبر وغيرهما. قوله: ثم جاء الله بالخير إشارة إلى أن الله تعالى فتح الشام ومصر والعراق على أيدي الصحابة فكثرت أموالهم ومعاشهم وخدمهم، فغيروا السقف والبناء وغير ذلك.
فإن قلت: قال ابن حزم حديث ابن عباس روي من طريقين، أحدهما: من طريق محمد بن معاوية النيسابوري، وهو معروف بوضع الأحاديث والكذب، والثاني: من طريق عمرو بن أبي عمرة عن عكرمة وهو ضعيف لا يحتج به، ثم لو صح من طريق عمرو بن أبي عمرة فليس فيه لهم بل حجة لنا عليهم، لأنه ليس فيه من كلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا الأمر بالغسل فإيجابه وكل يتعلقوا به في إسقاط وجوب الغسل فليس من كلامه عليه، وإنما هو من كلام ابن عباس وظنه ولا حجة لأحد دونه - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
قلت: الحديث صحيح وعمرو بن أبي عمرة احتجت به جماعة، وعكرمة مولى ابن عباس، قال البخاري: ليس أحد من أصحابنا إلا وهو يحتج بعكرمة. وقال العجلي: مكي تابعي ثقة بريء مما يرميه الناس به من الحرورية فلا التفات إلى تضعيف ابن حزم إياه لترويج مذهبه وقوله: فليس فيه حجة لهم، كلام ساقط لأن ابن عباس لو لم يدر عدم وجوب الغسل يوم الجمعة لما قال: لا، حين سئل عنه، وكيف وقد روي عنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه كان يأمر به وهو أعلم الناس بما وافق النصوص وعللها ومواردها وما يتعلق بأحكامها، ولما كان الأمر كذلك حمل بعضهم الأمر على الاستحباب، ولفظ الوجوب على التأكيد للاستحباب، كما تقول: كان حقك واجبا علي والعدة دين وهو أضعف من الأول، ويدل عليه ما قرن به مما ليس بواجب وهو الدهن والطيب.
وقال تاج الشريعة: قوله: أو على النسخ لأنه وجد دلالة التقديم، وهي ما روي عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أنها قالت: كان الصحابة في بدء الإسلام عمال أنفسهم ويلبسون الجلود والحرص الحجازي والمسجد قريب السقف فأمرهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالغسل دفعا للرائحة فلما ظهرت الثروة والغنى فيهم قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من توضأ يوم الجمعة» الحديث.