ثم هذا الغسل للصلاة عند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - وهو الصحيح لزيادة فضيلتها على الوقت واختصاص الطهارة بها، وفيه خلاف الحسن
ــ
[البناية]
قلت: لم يرد هذا الحديث عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - على هذا الوجه، وإنما روي في " الصحيحين " أنها قالت: "كان الناس يتناوبون" الحديث وقد ذكرناه فيما مضى، واستدل تاج الشريعة بقولها:"فلما ظهرت الثروة" إلى آخره على النسخ، لأن قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: من توضأ الحديث يدل على أنه مؤخر بمقتضى ما في هذه الرواية، والمتأخر ينسخ المتقدم، ولكن هذا إنما يصح إذا ثبت هذا عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - على الوجه المذكور، على أن ابن الجوزي أنكر النسخ فقال: لا ناسخ معهم، ولكن سمعت حديث رواه ابن عدي في " الكامل " يدل على أنه ناسخ لأحاديث الوجوب، وهو ما رواه من حديث الفضل بن المختار عن أبان بن أبي عياش، عن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من جاء منكم الجمعة فليغتسل فلما كان الشتاء قلت: يا رسول الله أخبرنا بالغسل للجمعة وقد جاء الشتاء ونحن نجد البرد، فقال: من اغتسل فبها ونعمت ومن لم يغتسل فلا حرج» قلت: قد شد بغيره.
فإن قلت: إذا ثبت النسخ ينبغي أن يرتفع الغسل يوم الجمعة.
قلت: المراد نسخ الوجوب لا كونه مشروعا، كما تقول نسخت الزكاة كل صدقة ونسخ صوم رمضان كل صوم.
م:(ثم هذا الغسل) : ش: أي غسل يوم الجمعة م: (للصلاة عند أبي يوسف) ش: أي لأجل الصلاة بمعنى لا يحصل له الثواب إلا إذا صلى يوم الجمعة بهذا الغسل حتى لو اغتسل أول اليوم وانتقض وضوؤه وتوضأ وصلى لا يكون مدركا لثواب الغسل. م:(وهو الصحيح) ش: أي ما ذهب إليه أبو يوسف هو الصحيح، واحترز به عن قول الحسن بن زياد فإنه قال لليوم على ما نذكره الآن. م:(لزيادة فضيلتها على الوقت) ش: أي لزيادة فضيلة الصلاة في يوم الجمعة على غيرها من الصلوات، لأنها تؤدي بجمع عظيم فلها من الفضيلة ما ليس لغيرها. م:(واختصاص الطهارة بها) ش: أي بالصلاة فإنها من شرائطها م: (وفيه) ش: أي وفي كون غسل يوم الجمعة للصلاة م: (خلاف الحسن) ش: فإنه يقول غسل يوم الجمعة لليوم إظهارا لفضيلته، قال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «سيد الأيام يوم الجمعة» .
والجواب عنه: أن سيادة اليوم باعتبار وقوع هذه الصلاة فيه، ويقول الحسن: قال داود في