ولنا قَوْله تَعَالَى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}[النساء: ٢٣] ... (النساء: الآية ٢٣) ، وقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب من غير فصل» ،
ــ
[البناية]
علم يعلم. قال الكاكي: المصة - مكيدن - وهو فعل الرضع، والإملاجة - شيردادن -، يقال: أملجه أي أرضعه.
قلت: حاصل كلامه يشعر بالفرق بين المصة والإملاجة، فقال: المصة فعل الرضيع، والإملاجة فعل المرأة التي ترضع، لأنه قال بالفارسية: شيردادن، يعني إعطاء اللبن من فعل المرأة.
فإن قلت: ما وجه استدلال الشافعي بالحديث المذكور، فإن مذهبه خمس رضعات مشبعات، والحديث كيف يدل عليه.
قلت: قال الكاكي: وجه تمسك الشافعي بالحديث المذكور أن المصة داخلة في المصتين، كقوله: لا أكلم فلانًا يومًا ويومين، حيث لا ينتهي اليمين إلا بثلاثة أيام، فكأنه قال: لا تحرم المصات، والإملاجتان، فانتفت الحرمة عن أربع رضعات، وثبتت عن الخمس، وهذا ضعيف.
وقيل: وجه تمسكه لا يثبت إلا بنفي مذهبنا، فإذا نفى مذهبنا بهذا الحديث ثبت مذهبه لعدم القائل بالفصل، وقيل: تمسكه بهذا الحديث لنفي مذهبنا، وإثبات مذهبه بحديث عروة عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أنها قالت:«كان فيما أنزل القرآن عشر رضعات معلومات، فنسخن بخمس رضعات معلومات يحرمن، وكان ذلك مما يتلى بعد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا نسخ بعده، وكان مكتوبًا على قرطاس بعده، فدخل داجن البيت فأكله» وتمسك في شرح " الوجيز " وغيره من كتبهم بهذا الحديث أيضا.
قلت: حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - رواه مسلم بلفظ:«وأنزل الله في القرآن عشر رضعات معلومات، نسخ من ذلك خمس، وصار إلى خمس رضعات، فتوفي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والأمر على ذلك» انتهى.
ورواه ابن ماجه عن عائشة أيضا، ولفظه أنها قالت:«كان مما أنزل الله - عز وجل - من القرآن، ثم سقط: لا يحرم إلا عشر رضعات أو خمس رضعات» . وروى ابن ماجه أيضًا عن عبد الرحمن بن قاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت:«لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرًا، ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها» .
م:(ولنا قَوْله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}[النساء: ٢٣] ... (النساء: الآية ٢٣) م: (وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» من غير فصل) ش: أصحابنا استدلوا لمذهبهم بالآية الكريمة، وجه الاستدلال أن الله تعالى جعل علة التحريم فعل الرضاع قل أو كثر. وقال أبو بكر الرازي في " أحكام القرآن ": إذا اقتضى فعل الرضاع استحقاق اسم الأمومة والأخوة بوجود نفس فعل الرضاع، وذلك